الثاني: أنه على تقدير تسليم أن مفاد دليل أصالة الطهارة الحكومة والتنزيل، ولكن بامكان صاحب الكفاية (قدس سره) أن يجيب عن هذا الاشكال، بأن موضوع هذا التنزيل ليس هو الطهارة الظاهرية ليقال بأنه كيف يمكن أن يتكفل جعل واحد التوسعة وموضوعها معا في وقت واحد بل نفس مشكوك الطهارة، فكأنه قال أن مشكوك الطهارة محكوم بأحكام الطاهر الواقعي بما هو طاهر، والطهارة الظاهرية منتزعة من هذا التنزيل وفي مرتبة متأخرة عنه لا أنها موضوع له (1)، وفيه أن هذا التوجيه غريب، حيث لا شبهة في أن قوله (عليه السلام) (كل شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر) ظاهر في جعل النظافة والطهارة ظاهرا في ظرف جهل المكلف بالواقع وعدم علمه به، وهذا يكشف عن أن التنزيل في مقام الثبوت واللب يكون بلحاظ الحكم الظاهري، وأما حمله على تنزيل مشكوك الطهارة بمنزلة الطاهر الواقعي واقعا بلحاظ أحكامه المجعولة منها الشرطية فلا يمكن، لأنه من غير المحتمل إرادته منه عرفا إلا إذا كانت هناك قرينة واضحة على ذلك، هذا إضافة إلى أن لازم ذلك كون مدلول دليل الأصالة حكما واقعيا فلا يدل حينئذ على الحكم الظاهري، ودعوى أنه منتزع من هذا التنزيل، مدفوعة بأن التنزيل إذا كان واقعيا، فلا يصلح أن يكون منشأ لانتزاع حكم ظاهري لأنه بلا مبرر.
فالنتيجة، أنه لا بأس بالوجوه المذكورة لتبرير عدم الاجزاء في الجملة.
والتحقيق أن لنا في المسألة دعويين:
الأولى: أن ما ذكره صاحب الكفاية (قدس سره) من التفسير لأصالة الطهارة وأصالة الحل واستصحابهما غير صحيح.