بيان بقاء الطهارة واستمرارها إلى زمان العلم بالقذارة بعد الفراغ عن أصل ثبوتها وحدوثها، لأن الظاهر منه أنه غاية للحكم المجعول في القضية، ويدل على أنه حكم ظاهري، فلهذا يكون مغيا بالعلم بالقذارة ولا ظهور له في أنه غاية لاستمراره لا لأصل ثبوته، والخلاصة أن المحتمل في الموثقة معنيان:
الأول: أن المراد من الشئ في الموثقة الشئ المشكوك والحكم الثابت له هو الحكم الظاهري وثبوته مغيي بالعلم بالخلاف.
الثاني: أن المراد من الشئ فيها الشئ بعنوانه الأولي والحكم الثابت له حكم واقعي وهو مستمر ظاهرا إلى زمان العلم بالنجاسة، ومن الواضح أن الموثقة ظاهرة في المعنى الأول ولا يمكن حملها على المعنى الثاني، إلا بقرينة ولا قرينة على ذلك لا في نفس الموثقة ولا من الخارج، فالنتيجة أن كل قضية ظاهرة في ثبوت المحمول للموضوع منها هذه الموثقة، ومن هنا يظهر حال دليل أصالة الحل، فإن الكلام فيه بعينه هو الكلام في دليل أصالة الطهارة حرفا بحرف فلا فرق بينهما من هذه الناحية.
وأما استصحاب الطهارة أو الحلية فقد ذكرنا في محله أن دليل الاستصحاب لا يتكفل جعل الحكم الظاهري المماثل في صورة المطابقة والمخالف في صورة المخالفة، بل مفاده النهي عن نقض اليقين السابق بالشك في مقام الوظيفة العملية والجري العملي، فليس مفاده كمفاد دليل أصالة الطهارة، فإن مفادها جعل الطهارة الظاهرية ابتداء وبالمطابقة، وأما مفاد دليل الاستصحاب فهو النهي عن نقض اليقين بالحالة السابقة بالشك فيها ارشادا إلى أن وظيفته العمل بالحالة السابقة وعدم جواز رفع اليد عنها عملا، ولا اشعار فيه فضلا عن الدلالة على جعل حكم ظاهري مماثل للحالة السابقة إن كانت حكما ولحكمها إن كانت