الثانية: أن نتيجة ما ذكره (قدس سره) من التفسير لهذه القواعد الثلاث ليست توسعة دائرة أدلة شرطية الطهارة وجعلها الأعم من الطهارة الواقعية الظاهرية.
أما الدعوى الأولى، فلا شبهة في أن الظاهر والمتفاهم عرفا من مثل قوله (عليه السلام): " كل شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر "، هو جعل الطهارة الظاهرية التي هي من الاحكام الترخيصية في ظرف الجهل بالواقع وعدم العلم به، بقرينة أن المراد من الشئ فيه هو الشئ المشكوك طهارته ونجاسته واقعا لا الشئ بعنوانه الأولي، لأن الطهارة المجعولة له طهارة واقعية وهي لا يمكن أن تكون مغياة بالعلم بالنجاسة، وإلا لزم اختصاص الأحكام الواقعية بالعالم بها وهو خلاف الضرورة، فلذلك لابد أن يكون المراد من الشئ فيه الشئ المشكوك والطهارة المجعولة له طهارة ظاهرية لأنها مغياة بالعلم بالنجاسة، وقوله (عليه السلام):
" حتى تعلم أنه قذر " وإن كان قيدا للحكم وغاية له، إلا أنه قرينة على أن المراد من الشئ المأخوذ في موضوع القضية الشئ المشكوك فيه، وإلا استحال أن يكون قيدا وغاية لحكمه، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، أن المتفاهم العرفي من مثل هذا النص أنه في مقام بيان ثبوت الطهارة للشيء المشكوك وحدوثها له، لا أنه في مقام بيان بقائها واستمرارها بعد الفراغ عن ثبوتها وحدوثها، لأن بقاء الحكم ببقاء موضوعه واستمراره باستمراره أمر قهري فلا يحتاج إلى مؤونة زائدة، ولهذا لا شبهة في ظهور الحديث في ذلك كما هو الحال في جميع القضايا، سواء كانت من القضايا الواقعية أم الظاهرية، لأنها في نفسها ظاهرة عرفا في ثبوت المحمول للموضوع، ولا يمكن حملها على البقاء بعد الثبوت فإنه بحاجة إلى قرينة، وأما قوله (عليه السلام) في الموثقة: " حتى تعلم أنه قذر "، فهو لا يصلح أن يكون قرينة على أنها في مقام