الامتثال على العمل الأخير فقد استوفى تمام الملاك به، وإن أتى بالعمل الأول فقد استوفى به جزء الملاك المتبقي، وحيث إن التخيير روحا وملاكا في مقام الثبوت موجود فلا مناص منه في مقام الاثبات، ولا يقاس المقام بالتخيير بين الأقل والأكثر الاستقلاليين فإنه غير معقول، باعتبار أن المكلف مهما أتى بالأقل حصل الغرض به وسقط الأمر وإن كان في ضمن الأكثر، وحينئذ فلا محالة يكون الأمر بالأكثر ولو تخييرا لغوا وجزافا، وهذا بخلاف المقام فإن المكلف إذا أتى بالأكثر حصل الغرض به لا بالأقل، وإن اقتصر على الأقل حصل الغرض به ولا يتوقف على الأكثر.
ومن هنا يظهر أن الصحيح هو ما ذهب إليه المحقق الخراساني (1) والمحقق الأصبهاني (2) (قدس سرهما) من التخيير في المسألة بين البدار والاتيان بالوظيفتين الاضطرارية في أول الوقت والاختيارية في آخر الوقت أو الانتظار والاقتصار على عمل واحد وهو الوظيفة الاختيارية في آخر الوقت ولا مانع من ذلك، وقد أفاد المحقق الأصبهاني (قدس سره) في وجه ذلك، أن المصلحة الصلاتية قائمة بالصلاة الواحدة في حال الاختيار إذا لم يسبقها الصلاة الاضطرارية، وبالصلاتين في حالتي الاختيار والاضطرار، بمعنى أن المترتب على كل واحدة منهما جزء المصلحة، وفي مثل ذلك لا مناص من الالتزام بالأمر التخييري ولا يعقل غيره، لأن وفاء العملين وهما العمل الاضطراري في أول الوقت والعمل الاختياري في آخر الوقت معا بتمام المصلحة، يمنع عن الأمر التعييني بخصوص العمل الاختياري فإنه بلا موجب ومبرر، نعم لا يمكن أن يكون الأمر بكل من العمل