إدراك جزء من ملاكها بالصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت مانع عن إدراك الجزء الآخر بها مع الطهارة المائية في آخر الوقت، هذا إضافة إلى أن تفويت الملاك إنما هو في طول صحة الصلاة مع الطهارة الترابية، فإنها إذا كانت صحيحة كانت مفوتة له، وأما إذا كانت فاسدة فلا توجب تفويته، وعليه فالمبغوضية والحرمة لا يمكن أن تكون موجبة لبطلان الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت، ضرورة أنها لو بطلت فلا مبغوضية ولا حرمة، فإذن يلزم من فرض وجودها عدمها، فوجودها محال، فالنتيجة أن البدار جائز وضعا في هذا الفرض لا تكليفا.
وأما على الفرض الرابع، فهل يجوز البدار إلى الاتيان بالوظيفة الاضطرارية في أول الوقت ثم الاتيان بالوظيفة الاختيارية في آخر الوقت أو لا؟ فيه وجهان:
قد يقال كما قيل بالوجه الثاني، وذلك لأن الأمر بالوظيفة الاضطرارية في أول الوقت يكون لغوا ولا يترتب عليه أثر، إذ لابد للمكلف من الاتيان بالوظيفة الاختيارية في آخر الوقت وإن أتى بالوظيفة الاضطرارية في أول الوقت، ولا معنى للتخيير بين الاتيان بعملين والاتيان بعمل واحد، بمعنى أن يكون المكلف مخيرا بين الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت ثم الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت، وبين الاقتصار على الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت، ومن الطبيعي أنه لا معنى لهذا التخيير، ويكون الأمر بالصلاة مع الطهارة الترابية منضمة إلى الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت لغوا محضا ولا ملاك له أصلا، وعلى هذا فلا يجوز البدار في هذا الفرض، لأن جوازه واقعا معناه أن العمل الاضطراري متعلق للأمر وهو لا يمكن، فإذن يتعين الأمر بالعمل الاختياري في آخر الوقت ولا يكون العمل الاضطراري مشروعا في أول الوقت، ولكن الصحيح هو الوجه الأول، وذلك لأن الوظيفة الاضطرارية في