وهكذا.
وأما على الفرض الثاني، فأيضا لا شبهة في الاجزاء، لأن المقدار المتبقي من الملاك بما إنه غير ملزم، فلا يجب استيفاؤه.
وأما على الفرض الثالث، فإن الاتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري في أول الوقت وإن كان مجزيا وضعا إلا أنه غير جائر تكليفا، لأنه يوجب تفويت المقدار من الملاك الملزم بدون مبرر، فإن المكلف إذا أتى بالصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت، فهي وإن كانت صحيحة من جهة اشتمالها على الملاك الملزم في نفسه، إلا أنها لا تجوز شرعا من جهة أنها توجب تفويت المقدار الملزم من ملاك الصلاة مع الطهارة المائية، مع أن بامكانه استيفاء الجميع، لأنه لو لم يأت بها مع الطهارة الترابية في أول الوقت، كانت وظيفته الاتيان بها مع الطهارة المائية في آخر الوقت، واستيفاء تمام ملاكها وعدم تفويت شيء منه، وكذلك لا يجوز له البدار تكليفا في هذا الفرض، لاستلزامه تفويت المقدار الملزم من الملاك الذي كان بامكانه ادراكه في آخر الوقت لو لم يبادر في أول الوقت، ودعوى أن البدار إذا كان منهيا عنه فهو يوجب فساد العبادة تطبيقا لكبرى اقتضاء النهي عن العبادة الفساد، فإذن لا يمكن القول بجواز البدار فيه وضعا لا تكليفا.
مدفوعة بأن اقتضاء النهي عن العبادة الفساد إنما هو فيما إذا كان النهي نفسيا مولويا، وأما إذا كان غيريا فهو لا يقتضي الفساد والنهي عن البدار في المقام، بما أنه غيري ناشئ من تفويت الملاك المتبقي الملزم في الصلاة الاختيارية فلا يقتضي الفساد، لوضوح أن النهي عن الصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت لم ينشأ عن وجود مفسدة فيها لكي يقتضي فسادها، بل هو ناشئ من مبغوضية تفويت الباقي من الملاك في الصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت، باعتبار أن