أول الوقت كالصلاة مع الطهارة الترابية إذا كانت مشتملة على ملاك ملزم في نفسه كما هو المفروض، لم يكن الأمر بها منضمة إلى الوظيفة الاختيارية في آخر الوقت لغوا وبلا ملاك وروح بنحو التخيير، لأن حقيقة الحكم وروحه الملاك وهو موجود فيها، نعم الأمر بها كذلك تعيينا لغو وبلا مبرر، وأما تخييرا فلا مانع منه، حيث إنه موجود لبا وملاكا، فإذا كان موجودا لبا فلا مانع منه اثباتا.
وإن شئت قلت إنا نعلم جزما أنه لا يجب على المكلف في هذا الفرض الانتظار والاقتصار على الاتيان بالوظيفة الاختيارية في آخر الوقت تعيينا وعدم مشروعية الوظيفة الاضطرارية في أول الوقت، إذ لا شبهة في أنها مشروعة، لفرض أنها مشتملة على الملاك الملزم في نفسه وإن كان دون الملاك الملزم للوظيفة الاختيارية وبنسبة الجزء إلى الكل، فإذن لا محالة يكون المجعول في هذه الحالة هو الأمر بالجامع بين عملين طوليين زمانا هما العمل الاضطراري في أول الوقت والعمل الاختياري في آخر الوقت، وبين عمل واحد وهو العمل الاختياري في آخر الوقت، غاية الأمر أن المكلف إذا اختار العملين فالمستوفي بالعمل الاختياري الجزء المتبقي من الملاك، باعتبار استيفاء جزء منه بالعمل الاضطراري، وإذا اختار العمل الواحد وهو العمل الاختياري، فالمستوفى به تمام الملاك، فالنتيجة جواز البدار في هذا الفرض واقعا تكليفا ووضعا.
نعم، لو لم يعلم بالحال في مقام الثبوت ودار الأمر في مقام الاثبات بين أن يكون الواجب عملين طوليين زمانا أو عمل واحد، فلا يمكن اثبات التخيير بينهما، لأن وجوب الاتيان بالعمل الواحد معلوم على كل تقدير، فإذن إيجاب الاتيان بالعمل الآخر منضما إليه لغو ولا يترتب عليه أثر، وأما إذا كان اشتمال كلا الفعلين على الملاك الملزم معلوما، غاية الأمر أن المكلف إذا اقتصر في مقام