ورابعا: أن فرض التضاد بين المصلحتين مع عدم التضاد بين الصلاتين مجرد فرض لا واقع موضوعي له، بداهة أن المضادة إنما هي بين الأفعال الخارجية، فإذا لم تكن مضادة بينها، فلا مضادة بين آثارها وما يترتب عليها من الفوائد والمصالح.
وخامسا: مع الاغماض عن ذلك وتسليم أن بينهما مضادة، إلا أنه حينئذ تقع المعارضة بين دليل الأمر الاضطراري المتعلق بالصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت ودليل الأمر الاختياري المتعلق بالصلاة مع الطهارة المائية في آخر الوقت بعد ارتفاع العذر، ولا يمكن جعل كليهما معا لأنه لغو.
وأما المحقق النائيني (قدس سره) فقد اختار الاجزاء في صورة خاصة وهي صورة اليأس عن ارتفاع العذر في طول الوقت أو الظن بعدم ارتفاعه، وقد أفاد في وجه ذلك، أن جواز البدار فيها لا يخلو من أن يكون ظاهريا أو واقعيا، فعلى الأول يدخل البحث في البحث عن المرحلة الثالثة الآتية، وهي أن الاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري، هل يجزي عن الاتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي أو لا، وسوف يأتي تفصيل ذلك.
وعلى الثاني، فلا شبهة في الاجزاء، فإن جواز البدار واقعا ملازم لوجود الأمر الاضطراري بالصلاة مع الطهارة الترابية، ومع وجود هذا الأمر يستحيل تعلق أمر آخر بها مع الطهارة المائية في وقت واحد، لقيام الضرورة والاجماع القطعي على عدم وجوب ستة صلوات على المكلف في يوم واحد، لأن الواجب في كل يوم خمسة صلوات لا أكثر، وعلى هذا فلا محالة يكشف الأمر الاضطراري المتعلق بالصلاة مع الطهارة الترابية في أول الوقت عن وجود مصلحة فيها لا تقل عن مصلحة الصلاة مع الطهارة المائية، أو أن المقدار