وسقوط الأمر بالاتيان بالمأمور به، أو فقل: أن الغرض الأصلي الملزم الداعي للمولى إلى إيجاب الصلاة الذي هو مشترك بين الصلاة فرادى والصلاة جماعة بما أنه قد حصل بالامتثال الأول وسقط الأمر، فلا يمكن حمل هذه الرواية على الاجزاء، فإذن لابد من حمل الرواية على أنها في مقام اعطاء الأجر والثواب هذا، وللمحقق العراقي (قدس سره) تفسير آخر لهذه الرواية، وحاصل هذا التفسير أن المستفاد منها أنه ليس للصلاة غرض نفسي قائم بصرف وجودها حتى يحصل بمجرد تحققها في الخارج، بل لها غرض مقدمي بمعنى أن الصلاة مقدمة لاختيار المولى من أفرادها عند تعددها في الخارج ما شاء، وعلى هذا فبناء على وجوب المقدمة الموصلة، فإن اقتصر المكلف في مقام الامتثال على صلاة واحدة عازما على عدم الاتيان بصلاة أخرى تحقق الغرض بها وسقط الأمر، وأما إذا لم يقتصر في هذا المقام على امتثال فرد واحد بل كرر في ضمن فردين أو أكثر، فعندئذ إذا اختار المولى من الفردين أو الأفراد ما شاء، كان ذلك الفرد المختار هو المصداق للصلاة المأمور بها وفرد لها وهي تنطبق عليه لا على غيره، وهذا معنى قوله (عليه السلام) يختار أحبهما إليه.
وفيه، أن هذا التفسير غريب جدا، إذ لا يمكن أن يكون ذلك هو معنى الرواية، لأن مرد هذا المعنى إلى أن حصول الغرض وسقوط الأمر بالفرد الأول مراعى بعدم الاتيان بالفرد الثاني أو الثالث وهكذا وهو كما ترى، بداهة أن انطباق المأمور به على الفرد المأتي به في الخارج أمر قهري وذاتي، والمفروض أن هذا الانطباق علة تامة لحصول الغرض وسقوط الأمر. فإذن كيف يعقل أن يكون مراعى بعدم الاتيان بالفرد الثاني أو الثالث وهكذا، وإلا فلازمه أن لا يكون علة تامة له وهو خلف.