إلا بعد تعلق الأمر بها وفي المرتبة المتأخرة عنه، حيث لا يمكن لحاظ تلك القيودات فيها قبل وجود الأمر بها حتى يمكن أن تكون مقيدة بها أو مطلقة، وأما تحقق تلك القيودات في المرتبة المتأخرة عن الأمر وبعد تعلقه بها، فحيث إنه كان بعد تحديد متعلقه تقييدا أو اطلاقا في المرتبة السابقة، فلا يمكن تقييده بها أو اطلاقه وإلا لزم الخلف، والحاصل أن تقسيم الصلاة إلى الحصة المقيدة بقصد القربة وإلى غيرها يتوقف على تعلق الأمر بها، وإلا فلا موضوع لهذا التقسيم.
مدفوعة بأنها مبتنية على الخلط بين مقسمية الصلاة للحصص في الخارج بقطع النظر عن تعلق الأمر بها وبين مقسميتها في عالم المفهوم للحصص فيه، فالحصص الخارجية تتوقف على تعلق الأمر بها وفي المرتبة المتأخرة عنه، وأما الحصص الذهنية التي هي حصص لها في عالم المفهوم، فلا تتوقف على وجود الأمر بها ولا تكون في المرتبة المتأخرة عنه، فإذن لا مانع من تصور المولى في مقام جعل الحكم لشيء كالصلاة مثلا جميع قيوداته من الأولية والثانوية، ولا يتوقف هذا التصور على وجود الأمر في المرتبة السابقة وتعلقه به خارجا، وإنما يتوقف على وجود الأمر في الذهن.
وإن شئت قلت أن المأخوذ في متعلق الأمر هو قصد الأمر بوجوده الذهني وهو متقدم على الأمر بوجوده الواقعي الجعلي، وعليه فلا مانع من كون الصلاة مقسما للحصص الثانوية بلحاظ وجوداتها الذهنية، لأنها بهذا اللحاظ لا تتوقف على الأمر بوجوده الواقعي الجعلي، وإنما تتوقف على الأمر بوجوده الذهني اللحاظي الفاني، فما هو في طول الأمر وجود القسمين في الخارج، وما هو مقدم على الأمر وجود القسمين في عالم الذهن والمفهوم.
فالنتيجة، أن مقسمية الصلاة إنما تلحظ بالنسبة إلى خصوصياتها وقيوداتها