بمراده سعة أو ضيقا في الواقع، ولكن ليس بامكانه بيانه تقييدا أو اطلاقا بالدليل الأول، فلهذا التجأ إلى بيانه كذلك بالدليل الثاني وهو متمم الجعل فيه وجهان:
الظاهر أن مراد المحقق النائيني (قدس سره) الثاني، إذ لا يحتمل أن يكون مراده (قدس سره) من إهمال الواقع جهل الحاكم بالحكم المجعول سعة وضيقا، بداهة أن ذلك غير معقول بالنسبة إلى المولى الحكيم العالم بالواقع بتمام خصوصياته، سواء أكانت من الخصوصيات الأولية أم الثانوية، أما الأولية فهي التي تقسم الطبيعة المأمور بها إليها في المرتبة السابقة على الأمر وبقطع النظر عن تعلقه بها، وذلك كالصلاة بالنسبة إلى الطهارة من الحدث والخبث واستقبال القبلة والقيام والاستقرار وما شاكل ذلك.
وأما الثانوية، فهي التي تقسم الطبيعة المأمور بها إليها في المرتبة المتأخرة عن الأمر وبعد تعلقه بها، وذلك كالصلاة بالنسبة إلى قصد القربة وقصد التمييز، وعلى هذا فالمولى في مقام جعل الوجوب على الصلاة، فلا محالة يلاحظ جميع خصوصياتها الأولية والثانوية، فما هو منها دخيل في ترتب الملاك على الصلاة خارجا يقيد الصلاة به، بلا فرق بين أن يكون ذلك من القيودات الأولية أو الثانوية كقصد القربة، فإنه إذا كان دخيلا في ترتب الملاك على الصلاة فلا محالة يقيد الصلاة به كتقييدها بغيره من القيودات التي لها دخل في ذلك، فيكون المأمور به حصة خاصة من الصلاة وهي الصلاة المقيدة بقصد القربة، وإن لم يكن دخيلا فيه فالمأمور به هو الصلاة المطلقة من هذه الناحية، غاية الأمر على القول بأن التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة لا يمكن هذا التقييد بدليل الأمر الأول، وعلى المولى حينئذ بيانه بدليل آخر ولو كان بجملة خبرية تقييدا أو اطلاقا. ودعوى أن الصلاة لا يمكن أن تكون مقسما للقيودات الثانوية