العدم المقابل للملكة لا عدم الاتصاف بالعلم أو القدرة الذي هو نقيض الاتصاف فإنه ضروري، وعليه فالجهل بمعنى الاتصاف بعدم العلم ممتنع من باب أنه لا موضوع له، وأما الجهل بمعنى عدم الاتصاف بالعلم الذي هو نقيض الاتصاف فهو ضروري، وكذلك الحال في العجز فإنه بمعنى الاتصاف بعدم القدرة ممتنع لعدم كون المورد قابلا له، وأما بمعنى عدم الاتصاف بها فهو واجب، باعتبار أنه نقيض الاتصاف، ومن هنا يظهر حال مسألة الاطلاق والتقييد أيضا، لأن في كل مورد إذا أمكن فيه تقييد متعلق الأمر بقيد أمكن فيه اطلاقه أيضا، وفي كل مورد إذا لم يمكن فيه تقييده بقيد كقصد القربة، لم يمكن فيه اطلاقه أيضا بمعنى الاتصاف بعدم القيد، لأن المورد غير قابل له، لا بمعنى عدم الاتصاف بالقيد فإنه ضروري، وعليه فإذا استحال تقييد الصلاة بقصد القربة، استحال اطلاقها أيضا بمعنى الاتصاف بعدم قصد القربة، واما بمعنى عدم الاتصاف فهو ضروري، اما استحالة الأول فمن جهة عدم قابلية المحل لا للاتصاف بالملكة ولا للاتصاف بعدمها المقابل لها، وأما ضرورة الثاني فمن جهة أن استحالة أحد النقيضين تستلزم ضرورة الآخر، فالنتيجة أن استحالة الملكة في كل مورد تستلزم استحالة العدم المقابل لها فيه لا ضرورية.
هذا إضافة إلى أن مسألة الاطلاق والتقييد منوطة بنكتة واقعية وهي انطباق الطبيعة على أفرادها وسريانها إليها، وقد تقدم أن هذا الانطباق ذاتي فلا يحتاج إلى مقدمة خارجية حتى لحاظ عدم القيد ورفضه، نعم إذا كان الاطلاق لحاظيا كما هو مختار السيد الأستاذ (قدس سره)، فهو يتوقف على هذا اللحاظ ومتقوم به.
والخلاصة: أنه بناء على ما قويناه من أن اطلاق الطبيعة وسريانها إلى أفرادها ذاتي، فيكفي فيه عدم لحاظ القيد معها الذي هو نقيض لحاظ القيد،