فلذلك يكون التقابل بينهما من تقابل الايجاب والسلب، وأما بناء على مسلك السيد الأستاذ (قدس سره) من أن اطلاقها لحاظي فيتوقف على لحاظ زائد على الطبيعة، فلذلك يكونان معا أمرين وجوديين ويكون التقابل بينهما من تقابل الضدين، ولا يتصور أن يتوقف سريان الطبيعة إلى أفرادها وانطباقها عليها على قابليتها وشأنيتها للاتصاف بالقيد لكي تقبل الاتصاف بالعدم الذي هو معنى الاطلاق على المسلك القائل بأن التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة.
وأما تفسير الاطلاق بالجمع بين القيود فهو لا يرجع إلى معنى محصل.
البحث الثالث: أنه قد فسرت استحالة الاطلاق في المقام بتفسيرين:
الأول: أن يكون المراد منها استحالة شمول الخطاب للمقيد الذي كان يستحيل تقييد الحكم به.
الثاني: أن يكون المراد منها استحالة نفي التقييد به وشمول الخطاب لصورة فقدان القيد.
أما التفسير الأول، فهو في غير محله، لأنه لابد من النظر فيه إلى ملاك الاستحالة، فإن كان قائما بنفس ثبوت الحكم، فعندئذ لا فرق بين ثبوته للمقيد وثبوته للمطلق، فكما أن الأول مستحيل فكذلك الثاني بنفس الملاك، وذلك كثبوت الحكم على العاجز، فإن ملاك الاستحالة قائم بنفس ثبوت الحكم له سواءا كان بالتقييد به أم كان بالاطلاق، وإن كان ملاك الاستحالة قائما بعملية التقييد فحسب، فلا مانع من الاطلاق ولا موجب لاستحالته حينئذ أصلا، وذلك كتقييد خطابات الكتاب والسنة العامة بالكفار فإنه لا يمكن، وأما اطلاقها بنحو يشمل الكفار فلا مانع منه، ومن هذا القبيل تقييد تلك الخطابات بطائفة خاصة فإنه لا يمكن، وأما اطلاقها بنحو يشمل تلك الطائفة فلا مانع منه وهكذا.