المقدسة، لأن معنى أن الأعمال بالنيات أنها تتبع في الحسن والقبح والخير والشر، نية العامل، فإن عملا واحدا إذا صدر من العامل بنية الخير فهو حسن، وإذا صدر منه بنية الشر فهو قبيح، مثلا ضرب اليتيم إذا كان بنية التأديب فهو حسن، وإذا كان بنية الإيذاء أو امتحان العصا فهو قبيح، وكذلك القيام إذا كان بنية احترام مؤمن فهو حسن وإذا كان بنية هتكه وهدر حقه فهو قبيح وهكذا، وهذا معنى أن الأعمال بالنيات.
فالنتيجة، أنه لا صلة لهذه الروايات بالدلالة على أن كل عمل واجب في الشريعة المقدسة فهو واجب عبادي، وأما كونه واجبا توصليا فهو بحاجة إلى دليل، هذا إضافة إلى أن تخصيص الأعمال في هذه الروايات بالواجبات العبادية في الشريعة المقدسة تخصيص بالفرد النادر وهو قبيح عرفا.
الوجه الثالث: أن مقتضى الأصل في كل واجب لدى العقل هو كونه تعبديا فالتوصلية بحاجة إلى دليل، وذلك لأنه لا شبهة في أن الغرض من الأمر المتعلق بشيء كالصلاة مثلا هو إيجاد الداعي في نفس المكلف للتحريك نحو إيجاد ذلك الشئ في الخارج، وقد تقدم أن الأمر الصادر من المولى يتضمن التحريك والسعي نحو المأمورية في الخارج على أساس دلالته عليه، وحيث إن الغرض من الأمر هو إيجاد الداعي في نفس المكلف، فحينئذ إن أتى بالمأمور به بذلك الداعي حصل الغرض منه وسقط أمره، وأما إذا لم يأت به بالداعي المذكور فلا يعلم بحصول الغرض وسقوط الأمر، ومع عدم العلم بذلك لا محالة يحكم العقل بوجوب لاتيان بالمأمور به بداعي أمره تحصيلا للغرض، إلا إذا قام دليل من الخارج على أن الغرض منه يحصل بدون الاتيان به بداعي أمره، وهذا هو معنى كونه واجبا توصليا.