والخلاصة: أن ملاك الاستحالة إن كان في ثبوت الحكم على المقيد سواءا كان بالتقييد أم بالاطلاق، فكلاهما مستحيل بملاك واحد وفي عرض واحد، وإن كان ملاك الاستحالة قائما بنفس عملية التقييد فحسب فلا مانع من الاطلاق.
ومن هنا لو كانت استحالة تقييد المأمور به كالصلاة مثلا بقصد الأمر من جهة محذور الدور، وهو أن الأمر بالصلاة متوقف على قصده من باب توقف الحكم على متعلقه، والقصد متوقف على الأمر من باب توقف العرض على معروضه، فلا مانع من اطلاقها وشمولها لكلتا الحصتين معا هما الصلاة مع قصد الأمر والصلاة بدون قصده، لأن الأمر حينئذ لما كان متعلقا بالطبيعي الجامع بينهما فلا يتوقف على قصده، باعتبار أنه غير مأخوذ في متعلقه، نعم لو كان ملاك استحالة تقييد المأمور به بقصد الأمر داعوية الأمر لداعوية نفسه، فاطلاقه أيضا مستحيل بنفس هذا الملاك، إذ معنى اطلاقه على هذا التفسير هو شموله للحصة المقيدة بقصد الأمر، ومن الواضح أنه لا يمكن شموله لها بنفس ذلك المحذور لا بملاك أن استحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق.
فالنتيجة، أن ملاك الاستحالة إن كان في عملية التقييد فحسب فلا مانع من الاطلاق، وإن كان في عملية الاطلاق أيضا فكلاهما مستحيل.
وأما التفسير الثاني لاستحالة الاطلاق الذي هو مراد المحقق النائيني (قدس سره)، فقد أفاد في وجه ذلك أن التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة، فاستحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق، فإذا فرض أن تقييد المأمور به بقصد القربة مستحيل، فاطلاقه لنفي هذا التقييد وشموله لصورة فقدان القيد أيضا مستحيل (1).