الاشكال الأول: أن الأمر وحده لا يكفي في القدرة على قصد الأمر، بل مضافا إلى ذلك لابد من وصوله ولو بأدنى مرتبة الوصول وهو احتمال وجوده، إذ لو لم يصل الأمر ولو بأدنى مرتبته لما تأتى من المكلف قصد الأمر إلا بنحو التشريع المحرم ووصول الأمر غير اختياري ولو في بعض الحالات، ولا يكون مجرد ثبوت الأمر متكفلا لوصوله ولا سيما وإن الخطابات مجعولة على نهج القضايا الحقيقية، ولا بد من أخذ وصول الأمر قيدا في الأمر وشرطا مفروغا عنه وهو لا يمكن، لاستحالة أخذ وصول الحكم في موضوع شخصه لاستلزامه الدور وتوقف الشئ على نفسه.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة، وهي أن المأخوذ في متعلق الأمر لو كان قصده بوجوده الواقعي فهو غير مقدور إلا تشريعا، ولو كان المأخوذ فيه قصده بوجوده الواصل ولو بأدنى مرتبته فهو غير ممكن، فما هو ممكن أخذه فيه فإنه غير مقدور، وما هو مقدور فإنه غير ممكن أخذه فيه (1).
ويمكن المناقشة فيه، بأن هذا الاشكال مبني على أن الجهل بالحكم مانع عن اطلاقه، ووصوله قيد وشرط له، فلابد حينئذ من أخذه مفروض الوجود وإلا لزم التكليف بالمحال، ضرورة أن التكليف لو كان مطلقا ولم يكن مقيدا ومشروطا بالوصول، لزم كون تكليفه بقصد الأمر تكليفا بغير المقدور، لفرض أنه غير قادر عليه قبل وصوله ولو بأدنى مرتبته إلا بنحو التشريع المحرم، ولكن هذا البناء غير صحيح، لما تقدم من أن أخذ القيد مفروض الوجود منوط بأحد الأمرين المذكورين وكلاهما مفقود في المقام، أما الأول وهو الظهور العرفي للدليل فلا موضوع له فيه، وأما الثاني وهو حكم العقل بأنه لو لم يؤخذ مفروض