الوجود، لزم التكليف بغير المقدور فلا موضوع له أيضا، أما أولا فلان وصول التكليف غالبا يكون اختياريا، وعليه فاطلاقه لا يوجب التكليف بغير المقدور، وثانيا على تقدير تسليم أنه غير اختياري إلا أنه ليس قيدا للحكم ومأخوذا مفروض الوجود لكي يقال إنه مستحيل، إذ لا مانع من إطلاق التكليف بالنسبة إلى الجاهل، ولا يلزم من ذلك التكليف بغير المقدور، لأنه وإن كان فعليا بفعلية موضوعه، إلا أنه غير منجز، لأن تنجزه منوط بالوصول، حيث إنه شرط له لا أنه شرط لفعليته كما هو الحال في سائر موارد الجهل بالتكليف، وعلى هذا فالمكلف وإن كان غير قادر على قصد الأمر قبل تحققه وانشائه، إلا أنه قادر عليه بعده واقعا، غاية الأمر قد يكون المكلف جاهلا بقدرته عليه، وبكلمة أن العجز المانع عن اطلاق التكليف ومحركيته هو العجز التكويني، وأما العجز الناشئ من عدم اطلاق التكليف والناجم منه الذي يرتفع بجعله واقعا الواصل بوصوله، فهو لا يمنع عن اطلاقه، فإن العجز الذي يرتفع في طول جعل التكليف واقعا وحقيقة، فكيف يكون مانعا من اطلاقه، غاية الأمر أنه طالما لم يكن واصلا إليه ولو بأدنى مرتبته لم يكن منجزا ومحركا فعلا، إذ لا ملازمة بين فعلية التكليف بفعلية موضوعه وكونه محركا فعلا، لأن محركيته كذلك منوطة بتنجزه بالوصول وإلا لم يكن محركا.
الاشكال الثاني: إن قصد الأمر لا يتأتي إلا من قبل الأمر، فكيف يعقل أن يؤخذ في متعلقه بحيث يتوقف عليه الأمر، فإذن يلزم التهافت في الرتبة، فإن قصد الأمر بملاك أنه مأخوذ في متعلق الأمر فيكون أسبق منه رتبة، وبملاك أنه متوقف عليه فيكون متأخرا منه كذلك، وهذا هو معنى التهافت في الرتبة، ولا يمكن التخلص عن هذا الاشكال بأن قصد الأمر متوقف على الأمر الخارجي والأمر الخارجي لا يتوقف على قصد الأمر في الخارج حتى يلزم التهافت، بل هو