الثالثة: أن ما ذكره (قدس سره) هل يصلح أن يكون ردا على ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من استحالة أخذ قصد الأمر في متعلقه.
أما الكلام في النقطة الأولى: فكل قيد يكون دخيلا في اتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ فهو قيد للحكم في مرحلة الجعل، ونتيجة ذلك أنه لا ملاك للفعل بدون ذلك القيد، وكل قيد يكون دخيلا في ترتب الملاك على وجود الفعل في الخارج فهو قيد للواجب، هذا بحسب مقام الثبوت، وأما في مقام الاثبات فكل قيد أخذ في لسان الدليل في مرحلة الجعل، فإن كان الدليل ظاهرا عرفا في أنه مأخوذ مفروض الوجود فهو قيد للوجوب، أي الهيئة ودخيل في الملاك، وإن كان ظاهرا عرفا في أنه دخيل في ترتب الملاك على وجود الفعل في الخارج فهو قيد للواجب، وقد تقدم أن قيد الواجب إذا لم يكن اختياريا، فلابد أن يكون قيدا للوجوب أيضا وإلا لزم التكليف بغير المقدور.
وأما إذا لم يعلم أن القيد المأخوذ في لسان الدليل هل هو راجع إلى مدلول الهيئة أو المادة، فسيأتي الكلام فيه ضمن البحوث القادمة بعونه تعالى.
وأما الكلام في النقطة الثانية: فالخطابات التحريمية على قسمين:
أحدهما ما لا يكون له موضوع في الخارج كالكذب حتى تتوقف حرمته على وجوده فيه، نعم قدرة المكلف على الكذب موضوع له وتتوقف فعلية حرمته على فعلية القدرة، فإنه إن كان عاجزا عنه فعلا لم تكن حرمته فعلية.
والآخر ما يكون له موضوع في الخارج كحرمة شرب الخمر والتصرف في مال الغير وغيبة المؤمن وهكذا، وهل تتوقف فعلية حرمة هذه الأفعال على فعلية موضوعاتها في الخارج فيه قولان، الظاهر هو القول الأول، أما حرمة