والثاني: ثبوتي.
أما الأول: فهو أن يكون الدليل ظاهرا عرفا في أن القيد في لسانه مأخوذ مفروض الوجود في الخارج كما في قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (1). فإنه ظاهر في أن قيد الاستطاعة قد قدر وجوده خارجا في المرتبة السابقة على جعل الوجوب، فلا وجوب قبل وجوده رغم أنه مقدور للمكلف، ومن هذا القبيل وجوب الوفاء بالعقد والنذر والعهد واليمين وما شاكل ذلك، فإنها جميعا مأخوذة مفروضة الوجود في الخارج بمقتضى ظهور الأدلة.
وأما الثاني: حكم العقل فإنه إنما يحكم بذلك إذا كان القيد قيدا للواجب وكان غير اختياري كالوقت كما في قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر) (2)، فإنه يدل على أن الوقت قيد للصلاة، وحيث أنه غير اختياري فالعقل يحكم بأنه قيد للوجوب أيضا، وحينئذ فلابد من أخذه مفروض الوجود وإلا لزم التكليف بغير المقدور، إذ لو كان وجوب الصلاة مطلقا وغير مقيد بدخول الوقت، فمعناه أن وجوبها فعلى قبل الوقت وهو يلزم المكلف بالاتيان بها قبل دخول وقتها وهو غير مقدور.
والخلاصة: أن كل قيد أخذ في لسان الدليل في مقام الجعل، فهو ظاهر في أنه قيد للحكم والملاك معا ومأخوذ مفروغ عنه في الخارج، سواءا كان قيدا للواجب أيضا أم لا، وكل قيد لم يؤخذ في لسان الدليل مفروغ عنه وكان غير اختياري كقوله صل في الزوال، فالعقل يحكم بأنه لابد من أخذه مفروض