يتوقف على قصد الأمر في الذهن، فإذن لا تهافت (1). وذلك لأن المولى إنما يأمر بالعنوان لا بما هو موجود في الذهن بل بما هو فإن في المعنون ومرآة له في الخارج، فهو يرى من خلال العنوان المعنون، على أساس أن الأثر مترتب عليه لا على العنوان بما هو موجود في الذهن، وعلى هذا فيقع التهافت في نظره، لأنه من جهة يرى الأمر في رتبة متقدمة على قصده لكونه عارضا عليه وله تقرر وثبوت قبل تعلق القصد به من منظاره، ومن ناحية أخرى يرى أنه عارض على قصد الأمر ومتأخر عنه رتبة، وهذه النظرة وإن لم يكن لها واقع موضوعي، إلا أن الآمر يأمر بهذه النظرة التي يرى بها واقع قصد الأمر شيئا مفروغا عنه ومتقدما على الأمر الطارئ عليه مع أنه لا يعقل أن يراه الآمر كذلك، لأنه متقوم وجودا بالأمر الصادر منه، فكيف يراه مفروغا عنه ومتقدما عليه.
والجواب: أن الآمر كان يعلم بأنه لا أمر في الواقع قبل أن يصدر منه، وإنما هو مجرد مفهوم الأمر في عالم الذهن بدون أن يكون له واقع مفروغ عنه في الخارج، ولهذا لا يرى الآمر به شيئا في الخارج لكي يكون فانيا فيه وحاكيا عنه، إذ لا يعقل أن ينظر الآمر إلى قصد الأمر فانيا في مصداقه في الخارج ومعنونة فيه، لأنه كان يعلم بأنه لا مصداق له فيه، وإنما هو مجرد عنوان في عالم الذهن، فإذا صدر منه أمر وتعلق بذلك العنوان تحقق مصداقه في الخارج، وحينئذ فيصبح المكلف قادرا على الاتيان بالواجب بقصد الأمر الواقعي، وعلى ذلك فلا تهافت في نظر الآمر.
وبكلمة، أن الأمر حيث إنه اعتبار صرف، فلا محالة يكون متعلقه الأمر الذهني، إذ لا يمكن تعلقه بالأمر الخارجي مباشرة وإلا فلازمه أن يكون الأمر