الآخرة أو على أن العقوبة من الآثار واللوازم الذاتية للأعمال الباطلة والعقائد الفاسدة في هذه الدنيا والمثوبة من الآثار واللوازم الذاتية للأعمال الحسنة والعقائد الصحيحة ولا ثالث لهما. ولكن كلا التفسيرين باطل.
أما الأول فإن أريد بتجسم الأعمال أنها تتحول في الآخرة إلى الصور المخوفة والحيوانات المؤذية وكذلك العقائد الفاسدة.
فيرد عليه أن هذا التحول إن كان بنحو الاقتضاء، ففعليته بيده تعالى وأنه سبحانه يخلق الصور المخوفة لأعماله في الآخرة ويفيض عليها تلك الصور أو يخلق الحيوانات المؤذية لكل عمل بما يناسبه، وحينئذ فالعقاب من معاقب خارجي وبيده واختياره ولا اشكال من هذه الناحية، لأنه موافق لظواهر الآيات والروايات، إلا أن هناك مشكلة أخرى وهي أن أفعال العبادات إذا كانت بقضاء الله وقدره وخارجة عن دائرة اختيارهم وسلطنتهم فكيف يمكن عقابهم وحسابهم عليها، لأنه من عقاب العاجز والمضطر وهو قبيح بحكم العقل الفطري، ولو أنكرنا الحسن والقبح العقليين، فحينئذ وإن لم تبق مشكلة قبح المحاسبة والعقاب، إلا أن هناك مشكلة أخرى أعمق منها وهي لغوية التكليف نهائيا وعدم الفائدة في ارسال الرسل وانزال الكتب.
وإن كان بنحو الفعلية فهو مخالف للضرورة عقلا وكتابا وسنة، أما عقلا فلأنه مستقل بأن العقاب والثواب بيد الله تعالى، لأن العبد يستحق العقوبة عند المخالفة والمثوبة عند الموافقة وله أن يعاقبه وله أن يعفو عنه، وليس العقاب من جهة تحول الأعمال القبيحة إلى الصور المخوفة في الآخرة قهرا، وأما كتابا فهو ناص في أن العقاب والثواب بيده تعالى وتحت سلطنته واختياره، كما أن المغفرة والرحمة بيده سبحانه وكذلك سنة، هذا إضافة إلى أن لازم ذلك بطلان الشفاعة ولغوية