فلا يمكن اثبات صدق مدعي النبوة (1).
فيمكن المناقشة فيه وهي أن دلالة المعجزة على صدق مدعي النبوة لو كانت متوقفة على هذه المقدمة العقلية وهي قبح اعطائها بيد الكاذب لم يمكن اثبات صدقه بها، وذلك لأن المعجزة لا تخلو إما أن تدل على نبوة من جرت على يديه بقطع النظر عن المقدمة العقلية وهي قبح اعطاء المعجزة بيد الكاذب، لأنه تغرير بالناس أو لا تدل عليها إلا بضم هذه المقدمة، فعلى الأول لا حاجة إلى هذه المقدمة في اثبات النبوة، وعلى الثاني فلا يمكن أن تدل على النبوة، لأن اثباتها بها حينئذ يكون دوريا، وذلك لأن فعلية دلالة المعجزة على نبوة من يدعيها تتوقف على قبح اعطائها بيد الكاذب، وقبح الاعطاء بيده يتوقف على فعلية دلالة المعجزة عليها وإلا لم يكن الاعطاء قبيحا. فلذلك لا يمكن أن تتوقف دلالة المعجزة على نبوة من يدعيها على ضم المقدمة العقلية المذكورة.
وبكلمة، أن الاستدلال على نبوة من جرت المعجزة على يديه لا يمكن أن يتوقف على ضم قضية قبح جريانها على يدي الكاذب وإلا لزم الدور، وذلك لأن فعلية دلالة المعجزة على صدق المدعي تتوقف على القضية المذكورة وهي قبح اعطاء المعجزة بيد الكاذب، لأنه تغرير بالناس ودعوة لهم إلى متابعته.
والمفروض أن قبح اعطائها بيده يتوقف على فعلية دلالتها على الصدق، لوضوح أن المعجزة لو لم تدل على ذلك فعلا لم يكن اعطائها بيد الكاذب قبيحا وتغريرا بالناس، لفرض أنها لا تدل على أنه نبي حتى يكون تغريرا لهم وقبيحا وهذا هو الدور، فلهذا لا يمكن أن يتوقف الاستدلال على نبوة من يدعيها بالمعجزة على المقدمة العقلية المذكورة، فإذن انكار الحسن والقبح العقليين لا يستلزم سد باب