الحال في السعادة.
وأما السنة فقد تقدم أن الروايات الكثيرة التي لا يبعد بلوغها حد التواتر اجمالا ناصة على خطأ نظريتي الجبر والتفويض من ناحية، واثبات نظرية الأمر بين الأمرين من ناحية أخرى، ومن الطبيعي أن في هذه الروايات القضاء المبرم على بطلان هذه الفرضية وعدم واقع موضوعي لها، وأضف إلى ذلك أن هاتين الصفتين لو كانتا ذاتيتين بالمعنى المذكور لكان أوامر الدعاء وطلب التوفيق في طاعة الله والغفران من الذنوب وحسن العاقبة والسعادة وما شاكلها ملغية وبلا فائدة وكانت مجرد لقلقة اللسان فحسب وهذا كما ترى، فإذن في نفس هذه الأوامر شهادة صدق على بطلان هذه الفرضية.
فالنتيجة، أنه لا يمكن أن تكون صفتي الشقاوة والسعادة ذاتيتين للانسان بمعنى العلة التامة.
وإن أراد بالذاتي، الذاتي بمعنى الاقتضاء، فهو وإن كان أمرا ممكنا في نفسه وليس في الذاتي بهذا المعنى ما يخالف الشرائع السماوية ولا النظم العقلائية كما أنه ليس على خلافه حكم العقل ولا الوجدان والضرورة، إلا أن المستفاد من بعض الروايات أنهما ليستا بذاتيتين بهذا المعنى أيضا، وذلك لما ورد فيها من أن الشقي يطلب من الله تعالى أن يجعله سعيدا، فلو كانت الشقاوة صفة ذاتية للانسان ولازمة له، فلا يعقل تغييرها وتبديلها بصفة السعادة، وتدل على أنهما ليستا من الصفات الذاتية أيضا صحيحة ابن أبي عمير الآتية.
ودعوى، أن قوله (عليه السلام) في صحيحة الكناني (الشقي، شقي في بطن أمه،