الاقتضاء، وقد يقع التزاحم بين المقتضيات، أجل طالما يصدق عليه عنوان الظلم فهو قبيح، ولكن معنى هذا أنه ما دام موضوعه ثابتا في المرتبة السابقة وبدون مزاحم فهو ظلم وقبيح، فيكون الظلم بشرط ثبوت الموضوع لا مطلقا.
هذا إضافة إلى أنه مع انكار الحسن والقبح العقليين وإن كان لا تبقى مشكلة قبح محاسبة العبد وعقابه حتى تدعو الحاجة إلى حلها، ولكن تبقى هناك مشكلة أخرى أعمق من الأولى وهي أن العبد إذا كان عاجزا ولا حول ولا قوة له وكان الفعل يصدر منه قهرا وبدون الاختيار، فالتكليف لا محالة يكون لغوا ولا يمكن صدوره من المولى الحكيم.
والخلاصة: أن انكار التحسين والتقبيح العقليين انكارا للقضايا الأولية الفطرية وهو لا يمكن، ومن هنا فالتصديق بأن الأشاعرة منكرون مدركات العقل العملي واقعا لا يمكن، لأن الشخص لا يعقل أن يعارض فطرته هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن انكار الحسن والقبح العقليين تهديم للنظام العقلائي الذي بنى العقلاء ذلك النظام على ضوء مدركات العقل العملي لحفظ معاشهم الاعتيادية الاجتماعية والفردية والمادية والمعنوية تحقيقا للعدالة في المجتمع والمحافظة على حقوق الناس والمنع من التعدي والافراط والتفريط فيها. ومع انكار تلك المدركات ينتفي النظام بانتفاء موضوعه، وأما ما ذكره جماعة منهم السيد الأستاذ (قدس سره) من أن انكار الحسن والقبح العقليين يستلزم سد باب اثبات النبوة، لأن اثباتها مبني على قبح اعطاء المعجزة بيد الكاذب، باعتبار أنه تغرير بالناس ونحو من الكذب عليهم وهو قبيح على الله تعالى، فإذا أنكرنا قبح ذلك،