والسعيد سعيد في بطن أمه) (1) وقوله (عليه السلام): " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " (2). يدلان على أن السعادة والشقاوة صفتان ذاتيتان للانسان.
مدفوعة، بأنا لو كنا نحن وهذه الصحيحة ولم تكن قرينة خارجية على الخلاف فهي ظاهرة في أنهما صفتان ذاتيتان، غاية الأمر حيث لا يمكن كونهما ذاتيتين بنحو العلة التامة فبطبيعة الحال تكونا ذاتيتين بنحو الاقتضاء، إلا أن القرينة الخارجية تمنع عن الأخذ بظاهرها، لأنها حاكمة عليها ومفسرة لها، وهي صحيحة ابن أبي عمير (قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): الشقي من شقى في بطن أمه، السعيد من سعد في بطن أمه، فقال الشقي من علم الله (علمه الله) وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء والسعيد من علم الله (علمه الله) وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء) (3).
فإنها تحدد المراد من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتفسيره، وتدل على أن الشقاوة والسعادة ليستا من الصفات الذاتية بل هما من الصفات العرضية التي تعرض على الانسان بسبب مزاولة الأعمال السيئة أو الحسنة في الخارج، فإن مزاولة الأعمال السيئة منشأ لعروض صفة الشقاوة عليه ومزاولة الأعمال الحسنة منشأ لعروض صفة السعادة عليه كسائر الملكات النفسانية الحميدة والخبيثة، فإنها تحصل في نفس الانسان وتعرض عليها بسبب المزاولة والاستمرار على الأعمال الحسنة أو السيئة، لوضوح أنها ليست من الصفات الذاتية للانسان منذ وجوده