كيف يكفي رغم أن الإرادة التي هي علة تامة له بتمام مبادئها غير اختيارية، إذ على هذا لا فرق بين حركة الأصابع وحركة يد المرتعش، فكما أن الثانية ضرورية بضرورة علتها وهي المرض فكذلك الأولى، فإنها ضرورية بضرورة علتها وهي الإرادة فلا فرق بينهما من هذه الناحية، مع أن الحساب والعقاب على الثانية قبيح دون الأولى، وهذا ليس إلا من جهة الفرق بينهما وجدانا وفطرة، وقد مر في ضمن البحوث السالفة أن الإرادة لا يمكن أن تكون علة تامة للفعل، فإنه مضافا إلى أن ذلك خلاف الوجدان والفطرة السليمة، يترتب عليها محذور لا يمكن الالتزام به على تفصيل هناك.
وأما على الجواب الثالث، فلأنه مبتن على تجسم الأعمال في الآخرة وهو ان كان محتملا نظرا إلى ما يظهر من بعض الروايات بل الآيات (1) أيضا، إلا أن مدى التجسم ليس ما ذكره (قدس سره) وهو أن الأعمال الدنيوية مادة لصورة أخروية المفاضة من واهب الصور بنحو اللزوم بحيث يستحيل تخلفها عنها، بداهة أن التجسم بهذا المعنى مخالف صريح لنصوص الكتاب والسنة التي هي ناصة أن الحساب والعقاب بيده تعالى وأن له أن يعاقب وله أن يعفو.
والخلاصة: أن هذا الجواب وإن كان يدفع مشكلة قبح العقاب على أمر خارج عن الاختيار، باعتبار أنه انما يتصف بالقبح إذا كان من معاقب خارجي لا ما إذا كان صورة أخروية لازمة للأعمال، إلا أنه مضافا إلى كونه مخالفا للكتاب والسنة لا يعالج مشكلة لزوم لغوية التكليف. إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة وهي أن ما أفاده المحقق الأصبهاني (قدس سره) من الأجوبة لعلاج مشكلة العقاب والحساب على نظرية الأشاعرة والفلاسفة لا يتم شيء منها ولا