لا يحكم بقبح هذه المحاسبة والعقاب (1).
والجواب: أن قضيتي حسن العدل وقبح الظلم عقلا من أوليات ما يدركه الانسان في حياته الاعتيادية فطرة ولا يتوقف على أية مقدمة خارجية، بداهة أنه ليس بإمكان أي فرد أن يسمح لنفسه الاقرار بعدم قبح الظلم مع الاعتراف بكونه ظلما، إذ لا يمكن أن يعارض الشخص فطرته.
وعلى ضوء ذلك فإذا فرض أن العبد مسلوب الاختيار ولا حول له ولا قوة وكان يصدر الفعل منه بالضرورة وبدون الاختيار، فلا محالة يكون عقابه عليه ظلم لأنه من عقاب العاجز.
ومن هنا لا فرق على مسلك الأشعري بين حركة الأصابع وحركة يد المرتعش، فكما أن حركة يد المرتعش حركة قهرية ضرورية الناشئة بالضرورة من علتها المرض وهي ناشئة بالضرورة من عللها في المرتبة السابقة وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى الواجب بالذات، فكذلك حركة الأصابع فإنها ناشئة بالضرورة من الإرادة، والإرادة ناشئة بالضرورة من مبادئها غير الاختيارية وهي ناشئة بالضرورة من عللها وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى الإرادة الأزلية، فلو جاز العقاب على حركة الأصابع رغم أنها غير اختيارية، جاز عقاب المرتعش على حركة يده أيضا وهو كما ترى، لأنه ظلم ومن أظهر أفراده.
ودعوى الأشاعرة بأن الحسن ما حسنه الشارع والقبيح ما قبحه الشارع بمعنى أن كل ما يأمر به الشارع فهو حسن، على أساس أن أمر الشارع به لا يمكن أن يكون جزافا، فلا محالة يكون مبنيا على نكتة وتلك النكتة هي اشتماله على