مصلحة تقتضي حسنه، وكل ما ينهى الشارع عنه فهو قبيح لأنه يكشف بنفس البيان عن اشتماله على مفسدة تقتضي قبحه، والعقل بما أنه لا طريق له إلى الواقع وادراك مصلحة أو مفسدة في فعل، فلهذا ليس بامكانه أن يحكم بحسنه أو قبحه.
مدفوعة، بأنها مبنية على الخلط بين العقل النظري والعقل العملي، فإن مالا طريق له إلى الواقع وادراك ملاكات الاحكام فيه واستكشافها هو العقل النظري، ومحل الكلام في المقام إنما هو في العقل العملي، ومدركات هذا العقل غير قابلة للانكار وهي متمثلة فيما ينبغي فعله ومالا ينبغي ولكل منهما أفراد في الخارج، فالصدق في نفسه حسن يقتضي أن يكون هو الصادر من الانسان، وقد تقع التزاحم بينه وبين ما يقتضي قبحه، كما إذا لزم من الصدق الخيانة أو الضرر بالغير، فعندئذ يتزاحم اقتضاء الصدق للحسن مع اقتضاء الخيانة أو الضرر للقبح، وفي هذه الحالة قد يقع اختلاف بين العقلاء في الترجيح، وقد يكون الشئ حسنه بنحو العلة التامة كحفظ بيضة الاسلام وفي مثله لا يتصور التزاحم بين المقتضيات. والكذب في نفسه قبيح يقتضي أن لا يصدر من الانسان، وقد يقع التزاحم فيما إذا لزم من الكذب حفظ مال المؤمن، فإن اقتضاء الكذب للقبح مزاحم مع اقتضاء حفظ مال المؤمن للحسن، وفي هذه الحالة قد يقع الاختلاف بين العقلاء في الترجيح، وقد يكون قبح الشئ بنحو العلة التامة كالمحاربة للدين، فإنها علة تامة للقبح ومن أظهر مصاديق الظلم ولا يمكن طرو عنوان حسن عليها لكي يقع التزاحم بينهما. نعم، كل ما ينطبق عليه عنوان الظلم لا يكون علة تامة للقبح، لأن الظلم عنوان قد أخذ مشيرا إلى واقع مالا ينبغي فعله، فيصدق على الكذب باعتبار أنه قبيح في نفسه وعلى سلب ذي حق عن حقه وعلى التعدي والعدوان بالآخر بدون مبرر وهكذا كل ذلك يكون بنحو