بمقتضى الآية الكريمة: (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب) (1).
وغير خفي أن هذه المحاولة لا ترجع إلى معنى محصل أصلا، وذلك لأنه إن أراد بالكسب والاكتساب كون العبد محلا ومعروضا له وهو عارض عليه كالجسم الذي هو محل ومعروض للسواد مثلا تارة وللبياض أخرى.
فيرد عليه، أنه لا يعالج مشكلة العقاب على أمر غير اختياري، ضرورة أن كونه محلا له ككون الجسم محلا للسواد أو البياض أمر خارج عن اختياره.
هذا إضافة إلى أن عنوان الاكتساب عنوان انتزاعي منتزع من العمل الخارجي ولا واقع موضوعي له غير وجوده في عالم الذهن فلا يصلح أن يكون ملاكا لاستحقاق العقوبة، فإن ملاك استحقاقها إنما هو العمل الخارجي الذي يتحقق به تفويت حق المولى والتمرد والعصيان عليه، وإن أراد به واقع الاكتساب وهو الفعل الحرام الصادر منه في الخارج.
فيرد عليه، أن الفعل الحرام إن كان صادرا منه بالاختيار، فحينئذ وإن لم يكن عقابه قبيحا عقلا، إلا أنه يناقض التزامه بالجبر فيه وعدم صدوره منه بالاختيار، وإن كان صادرا منه بغير الاختيار فلا يمكن العقاب عليه، لأنه من العقاب على أمر خارج عن الاختيار وهو قبيح عقلا. هذا إضافة إلى أن هذه المحاولة لو تمت فإنما تتم في خصوص ما إذا كان قيام الفعل بالفاعل من قيام الحال بالمحل كالكسب والاكتساب لا مطلقا.
والخلاصة، أن عنوان الكسب والاكتساب عنوان طارئ على العبد قهرا