وحينئذ فلا مانع من أن تختلف آثاره كاملا وتتباين أفعاله على تفصيل تقدم.
السابعة: أن زعم الماديين بأن المادة الأصيلة للأشياء هي العلة الفاعلة للعالم ناشئ من عدم وعيهم لمفهوم الحركة للمادة وتخيلهم أنها ناجمة عن الصراع بين التناقضات فيها لا عن علة في خارج حدودها المادية، ولكن تقدم أنه ليست في الحركة تناقضات ولا اضداد بل تشابك بين القوة والفعل ولا تناقض، ولهذا قلنا أن الحركة مبنية على مبدأ عدم التناقض لا أنها مبنية على مبدأ التناقض، وإلا لم توجد حركة وهذا خلف على تفصيل قد مر.
الثامنة: أن نظرية المعتزلة القائلة بأن العبد مفوض في أفعاله وحركاته وأنه سلطان مطلق لا ترجع إلى معنى معقول، على أساس أنها مبنية على نظرية أن سر حاجة الأشياء إلى العلة إنما هو كامن في حدوثها وهو الوجود المسبوق بالعدم، وأما في بقائها فهي حرة وتملك وجودها واستقلالها متحررا عن العلة، ولكن قد تقدم أن هذه النظرية مبينة على عدم فهم معنى مبدأ العلية للأشياء لنظام عام للكون وضرورة حاجة المعلول إليها وارتباطه بها ارتباطا ذاتيا.
التاسعة: أن سر حاجة الأشياء إلى العلة كامن في صميم كيانها ووجودها لا في حدوثها، وعليه فلا فرق بين الوجود الأول المسبوق بالعدم والوجود الثاني المسبوق بالوجود الأول، باعتبار أن وجودها نفس الحاجة والفقر وعين التعلق والربط بالعلة، ونتيجة ذلك أن مبادئ الفعل بيده تعالى حدوثا وبقاءا، وأما السلطنة على الفعل مباشرة فهي بيد العبد وهذا هو معنى الأمر بين الأمرين.
العاشرة: أن المعتزلة قد أسرفت في تحديد قدرة الله تعالى وسلطنته على الأشياء بحدوثها فحسب، وأما في بقائها فهي حرة وغير متقيدة بقدرته تعالى وسلطنته وخارجة عنها في مقابل الأشاعرة، فإنها قد أفرطت في تعميم قدرة الله