صدورها منه مبنيا على مبدأ التناسب والضرورة.
ومن ذلك يظهر أنه لا يمكن تفسير اختلاف الأشياء في الآثار والأنواع تفسيرا موضوعيا إلا على ضوء هذه النظرية.
لحد الآن قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة وهي أن الأفعال الاختيارية تمتاز عن الحوادث الطبيعية في نقطة وهي أن الأفعال الاختيارية تصدر من الفاعل باختياره وسلطنته لا بالضرورة والوجوب لأن الضرورة تنافي الاختيار، بينما الحوادث الطبيعية تصدر من عللها بالضرورة والوجوب بمقتضى مبدأ التناسب.
تكميل قد تسأل هل تصلح المادة الأصيلة للعالم أن تكون علة فاعلية والسبب الأعلى له؟
والجواب: النفي بصورة قاطعة وذلك لعدة نقاط:
النقطة الأولى: أنه قد ثبت علميا أن المادة الأصيلة للعالم حقيقة واحدة، فإن التجارب العلمية قد أثبتت أن المادة تحول إلى طاقة والطاقة إلى مادة، ونتيجة ذلك أن صفة المادة ليست بذاتية بل هي عرضية كسائر صفات الأشياء كصفة الماء والتراب والحديد والرصاص وهكذا. وعلى ضوء هذا الأساس فالمادة الأصيلة للعالم سواءا كانت بصفة المادة أم بالقوة حقيقة واحدة مشتركة بين جميع الأشياء بأنواعها المختلفة وأشكالها المتعددة، وأثر ذلك حتما أنه لا يمكن أن تختلف آثارها وتتباين أفعالها وحركاتها، إذ من المستحيل أن تتولد من حقيقة واحدة آثارا مختلفة وأنواعا متباينة، ضرورة استحالة صدور الكثير من الواحد