فهو ثابت، ولا يعقل أن يصدر منها أمر متجدد متحرك وإلا لم تكن ثابتة وهذا خلف، والنكتة في ذلك أن الحركة متقومة بأمرين:
1 - المتحرك، وهو الموضوع 2 - المحرك، وهو العلة، ولا يمكن أن يكون شيء واحد من جهة واحدة موضوعا للحركة وعلة لها معا وفي آن واحد، لأن تعدد المتحرك والمحرك أمر ضروري لما مر من أن الحركة تطور وتكامل تدريجي للشيء الناقص، ومن الضروري أنه لا يمكن للشيء الناقص أن يطور نفسه بنفسه ويكمل وجوده تدريجا بصورة ذاتية، فإن معنى ذلك في الحقيقة وجود الممكن بنفسه وبدون علة وسبب، وهذا كما ترى بعد استحالة تطوره بالذات من جهة الصراع الداخل كما توهم، فإذن لا يعقل أن تكون علة الحركة التطورية للمادة التي هي في صميم ذاتها وجوهرها نفس المادة لأنها بنفسها حركة وتطور، ولا يمكن أن تكون الحركة الجوهرية المادية علة لنفسها وتوجد بصورة ذاتية وبدون سبب، وعليه فلا محالة تكون علة الحركة الجوهرية وراء المادة المتحركة وهي الواجب بالذات، فإنه يمدها بالتطور الدائم المستمر ويفيض عليها بالحركة التكاملية بالتدرج، فإذن تبقى مشكلة صلة الحادث بالقديم على حالها.
وبكلمة، أن الحركة العامة الكامنة في طبيعة الأشياء بنفسها تبرهن على ضرورة وجود علة وراء حدود المادة، وذلك لأن الحركة كيفية وجود الطبيعة، فوجود الطبيعة عبارة أخرى عن حركتها وتدرجها من مرحلة إلى مرحلة أخرى من درجة إلى درجة أرقى وخروجها المستمر من القوة إلى الفعلية والامكان إلى الوجود، وأما توهم الاستغناء الذاتي للحركة بتناقضاتها الداخلية التي تنبثق الحركة عن الصراع بينها فلا أصل له، بداهة أنه لا تناقض ولا صراع في الحركة التي هي عبارة عن خروج الشئ من القوة إلى الفعلية ومن الامكان