بصورة ذاتية، لأن الحركة تطور وتكامل تدريجي للشيء الناقص، ومن البديهي أن الشئ الناقص لا يمكن أن يطور نفسه بنفسه ويكمل وجوده تدريجا وديناميكيا أي ذاتيا وهذا معناه وجود الممكن بنفسه وبدون حاجة إلى علة وسبب وهو مستحيل، لأن حقيقة الحركة هي خروج الشئ من القوة إلى الفعلية، ومن الواضح أن خروج الشئ من القوة إلى الفعلية ومن الامكان إلى الوجود بحاجة إلى علة، ولا يمكن أن تكون تلك العلة داخلية وهي الصراع بين التناقضات، ضرورة أنه ليست في الحركة تناقضات وأضداد لتنشأ الحركة من الصراع بينها، بل فيها تشابك بين القوة والفعلية في جميع أدوارها ومراحلها ولا تناقض ولا تضاد بينهما، فإن فعلية الحركة بالنسبة إلى درجة وقوتها وامكانها بالنسبة إلى درجة ثانية بالتدريج، حيث أن الشئ المتحرك في كل مرحلة يملك درجة خاصة منها بالفعل ودرجة أخرى بالقوة والامكان وهكذا، فإذن لا موضوع للقول بأن علة حركة المادة وتطورها داخلية ذاتية وهي الصراع بين المتناقضات والأضداد، وعليه فلا محالة تكون علتها خارج حدودها المادية وهي تمدها تدريجا وتفيض عليها الحركة التكاملية، حيث لا يوجد في عالم المادة شيء ثابت، إذ أي شيء فيه فوجوده حركة وتدرج بموجب قانون الحركة العامة، هذا إضافة إلى أن الشئ الثابت لا يمكن أن يكون علة الشئ المتحرك، وبكلمة واضحة أن هناك ثلاث قضايا أولية:
الأولى: قضية أن لكل شيء علة وسببا.
الثانية: قضية أن المعلول لا يمكن أن يكون أكبر من العلة لا كما ولا كيفا.
الثالثة: قضية أن فاقد الشئ لا يكون معطيا.
أما القضية الأولى فإنها من أوليات ما يدركه البشر في حياته الاعتيادية