أن تكون العلة ثابتة والمعلول متجددا وبالعكس، وعلى هذا فلابد أن تكون علة الحركة العرضية متجددة متطورة طبقا لتجددها وتطورها، فلو كانت ثابتة ومستقرة فكل ما يتولد منها يكون ثابتا ومستقرا، وحينئذ فتعود الحركة سكونا وهذا خلف، وبذلك نستكشف أن العلة المباشرة لهذه الحركة السطحية في ظواهر الأشياء موجودة في صميم طبيعتها وكيانها وهي القوة المتحركة المتطورة التي يعبر عنها بالقوة الجوهرية، فان هذه القوة بسبب تطورها وتجددها علة مباشرة للحركة العرضية هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن صدر المتألهين قد بنى حل مشكلة صلة الحادث بالقديم على نظرية الحركة الجوهرية التي وضعها بتقريب، أن السبب المباشر لتطور وجود العرض وتجدده من مرحلة إلى مرحلة أخرى ومن درجة إلى درجة ثانية هو تطور وجود الجوهر وتجدده بنحو دائم ومستمر، فإذن لا تمس الحركة ظواهر الأشياء السطحية بل هي في أعماقها وجوهر ذاتها وكيانها وهي الحركة الجوهرية التي هي العلة المباشرة لها من الداخل وليست علتها من الخارج، وعليه فحدوث العالم المادي مستند إلى طبيعته التجددية بالذات لا إلى علة خارجية قديمة ورائه لكي يقال أنه لا يمكن ارتباط الحادث بالقديم وصلته به.
ولكن هذه المحاولة من صدر المتألهين لا تدفع المشكلة، وذلك لأن الحركة الجوهرية كالحركة العرضية بحاجة إلى علة فلا يمكن أن توجد بنفسها وبدون علة خارجية، وذلك لأن المادة المتحركة المتجددة بصورة مستمرة لا يمكن أن تكون هي علة للحركة وسببا لها، لأن معنى ذلك انها علة لنفسها باعتبار ان وجود المادة بنفسه وجود تدريجي وتطوري لا أنه شيء ثابت تصدر منه الحركة وإلا استحال صدور الحركة منه، لأن العلة إذا كانت ثابتة فكل ما يصدر منها