فطرة. وأما القضية الثانية فلأن الزيادة على العلة سواءا كانت كيفية أم كمية فلا يعقل أن تكون معلولة لها، لأن المعلول عين التعلق والربط بالعلة ووليدها وجودا ولهذا يكون وجوده من حدود وجودها، فلذلك تكون هذه القضية من تبعات القضية الأولى. وأما القضية الثالثة فمردها إلى وجود الشئ بدون علة وسبب وهو مستحيل.
وعلى هذا فعدم صلاحية المادة الأصيلة المتطورة لعلية العالم نتيجة حتمية لهذه القضايا الأولية المرتبطة بعضها ببعض ذاتا، فإن تطور المادة وتجددها بصورة مستمرة من النقص إلى الكمال بحاجة إلى علة ولا يمكن أن تكون علتها داخلية وهي الصراع بين المتناقضات والأضداد في الحركة لما عرفت من أنه ليست في الحركة متناقضات وأضداد أصلا، وإلا فلا يعقل وجود الحركة، ضرورة أن وجودها مبني على أساس مبدأ عدم التناقض بين القوة والفعل في كل مرحلة من مراحلها ودور من أدوارها، إذ لو كانت الحركة مبنية على أساس مبدأ التناقض وجوازه لم توجد حركة، لأن الحركة تنطوي على التطور والتجدد في مراتب الشئ ودرجاته، فلو كانت تلك المراتب والدرجات المتناقضة موجودة بالفعل ولم يكن بينها صراع فلا حركة، حيث لا تطور ولا تجدد بل هي جمود وثبات، فإذن كيف يعقل أن يكون منشأ الحركة الصراع بين المتناقضات.
والحاصل أن المتناقضات لو جازت فلا صراع بينها حتى يكون منشأ للحركة، وإذا استحالت فلا موضوع له لأن الصراع إنما يتصور في درجة واحدة لا في درجتين هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن الناقص كما لا يمكن أن يطور نفسه بنفسه ويكمل وجوده بصورة ذاتية من الداخل كما عرفت، كذلك لا يمكن أن يكون الناقص بما