الوجودي وهو أنه عين الفقر والحاجة لا أنه شيء له الفقر والحاجة، فإذا كان كيانه الوجودي كيان ارتباطي وتعلقي ومتقيد ومرتبط بالعلة وغير متحرر عنها، فلا فرق في ذلك بين حدوثه وبقائه، بداهة أنه لا يعقل أن يكون متقيدا بالعلة حدوثا ومتحررا عنها بقاء، فإن معناه أنه واجب الوجود بقاء، ولا زم ذلك أن الوجود الأول المسبوق بالعدم وجود الممكن، والوجود الثاني المسبوق به وجود الواجب وهو كما ترى، إذ لا يعقل أن يكون الوجود الأول متقيدا بالعلة وغير متحرر عنها، والوجود الثاني متحررا ومستقلا عنها، وإلا لم يكن بقاء لوجوده الأول لعدم كونه من سنخه وهذا خلف.
وعلى هذا فلا يكون العبد مستقلا في فعله، لأن سلطنته عليه مشروطه ببقاء مبادئه من الحياة والقدرة والعلم، والمفروض أن بقاء تلك المبادئ كحدوثها بيده تعالى وهو يمدها بصورة مستمرة ويفيض عليها كذلك، فإذا انقطعت الإفاضة عليها في أي لحظة انتهت تلك المبادي وانهارت في نفس اللحظة، ولذلك لا استقلال للعبد في فعله.
والحاصل أن صدور الفعل من العبد يتوقف على مقدمتين:
الأولى: توفر مباديه الأولية من الحياة والقدرة والعلم.
الثانية: سلطنة العبد عليه.
أما المقدمة الأولى فهي خارجة عن اختيار العبد وقدرته، وإنما هي بيده تعالى وهو يمدها ويفيض عليها.
أما المقدمة الثانية: بيده واختياره مباشرة، وهذا معنى أن العبد غير مستقل في فعله ولا هو خارج عن اختياره نهائيا بل أمر بين الأمرين، يعني لا جبر