لاستحالة خروجه من طرفي النقيضين (1).
وأخرى يكون مبنيا على أن علمه تعالى علة لمعلومه خارجا، بتقريب أن إضافته إليه إضافة اشراقية لا إضافة محمولية، ومعنى الإضافة الاشراقية أن المضاف إليه يوجد بنفس الإضافة، وعلى هذا فالمعلوم بعلمه تعالى يوجد بنفس علمه، وهذا بخلاف الإضافة المحمولية فإنها تتوقف على وجود المضاف إليه في المرتبة السابقة عليها، بيان ذلك أن أفعال العباد بما أنها حادثة من الحوادث المسبوقة بالعدم، فلا يمكن أن تقع طرفا لعلمه الذاتي مباشرة وإلا لكانت أزلية، وعلى ذلك فلا مناص من الالتزام بأن أفعال العباد جزء من سلسلة الأشياء الطبيعية الطولية بعللها ومعلولاتها وحلقاته التصاعدية، على أساس مبدأ العلية الذي هو نظام عام للكون، وأفعال العباد بما أنها جزء من هذه السلسلة فلا محالة تسير وتتحرك قهرا بنظامها الخاص ولا صلة لها حينئذ باختيار العبد هذا، ويمكن التعليق على كلا الوجهين:
أما الوجه الأول فلأن حقيقة العلم هي انكشاف الأشياء بما لها من الخصوصيات في الواقع لدى العالم ولا فرق في ذلك بين علمه تعالى وعلم غيره، غاية الأمر أن علمه سبحانه بالأشياء حضوري بمعنى أن الأشياء بواقعها وحقيقتها حاضرة عنده تعالى، وأما علم غيره بها فهو حصولي بمعنى أن الأشياء حاضرة عنده بصورها لا بواقعها الموضوعي هذا هو علمه الفعلي، وأما علمه الذاتي بالأشياء قبل خلقها ووجودها فهو خارج عن حدود تصورنا وإدراكنا، ضرورة أنه ليس بإمكاننا تصور علمه الذاتي الذي هو عين ذاته المقدسة وإلا لكان بالامكان تصور ذاته المقدسة أيضا، وعلى الجملة فلا يمكن تصور كيفية