الخصوصيات والانقسامات: إما أن يلاحظه مطلقا بالإضافة إليها، أو مقيدا بها، لأن الإهمال في الواقع غير معقول، فلا يعقل أن يكون في الواقع لا مطلقا ولا مقيدا.
وعلى هذا فمعنى إطلاق الواجب المزبور: هو عدم دخل شئ من تلك الخصوصيات فيه، بحيث لو تمكن المكلف من إيجاده في الخارج عاريا عن جميع الخصوصيات والمشخصات المزبورة لكان مجزيا، لأنه أتى بالمأمور به في الخارج، وهذا معنى الإطلاق كما ذكرناه في بحث تعلق الأوامر بالطبائع (1).
ونتيجة ذلك: هي أن الواجب الموسع مطلق بالإضافة إلى الفرد المزاحم، كما هو مطلق بالإضافة إلى غيره من الأفراد.
وعلى ذلك الأساس فلا تنافي بين إطلاق الموسع وفعلية خطاب المضيق.
ومن هنا ذكرنا سابقا: أنه لا منافاة بين وجوب الصلاة - مثلا - في مجموع وقتها، وهو ما بين الزوال والمغرب وبين وجوب واجب آخر، كإنقاذ الغريق أو إزالة النجاسة عن المسجد في بعض ذلك الوقت، إذ المفروض أن الوجوب تعلق بصرف وجود الصلاة في مجموع هذه الأزمنة، لا في كل زمان من تلك الأزمنة لينافي وجوب واجب آخر في بعضها.
فالنتيجة: أنه لا مضادة ولا ممانعة بين إطلاق الموسع ووجوب المضيق أصلا، ولذلك صح الإتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر المتعلق بصرف وجود الواجب، فلا حاجة عندئذ إلى القول بالترتب أصلا، فإذا لا وجه لدخول هذا القسم في محل الكلام والنزاع. وقد تقدم الحديث من هذه الناحية بصورة أوضح من ذلك، فلا حاجة إلى الإعادة.
وأما الصورة الثالثة - وهي ما إذا كان التزاحم بين واجبين مضيقين أحدهما أهم من الآخر - فهي القدر المتيقن من مورد النزاع والكلام بين الأصحاب كما هو ظاهر.