كحال السفر، فإن السفر - ولا سيما إذا كان في البوادي، ولا سيما في الأزمنة السابقة - من أسباب عدم الماء غالبا، وهذا بخلاف المرض، فإن الغالب أن الماء يوجد عند المريض ولكنه لا يتمكن من استعماله عقلا أو شرعا.
وأما القرينة الخارجية: فهي عدة من الروايات الدالة على جواز التيمم في موارد الخوف من استعمال الماء أو من تحصيله (1). والمفروض في تلك الموارد وجود الماء خارجا وتمكن المكلف من استعماله عقلا، إذا المراد من وجدان الماء: وجوده الخاص، وهو الذي يقدر المكلف على صرفه في الوضوء أو الغسل عقلا وشرعا.
فالنتيجة على ضوء ذلك: هي أن تقييد وجوب التيمم بعدم التمكن من استعمال الماء عقلا وشرعا يقتضي التزاما تقييد وجوب الوضوء أو الغسل بالتمكن من استعماله كذلك، ولأجل ذلك التزم (قدس سره) بأنه لا يمكن الحكم بصحة الوضوء في مواضع الأمر بالتيمم، كما إذا كان عند المكلف ماء ولكنه لا يكفي للوضوء ولرفع عطش نفسه أو من هو مشرف على الهلاك معا ففي مثل ذلك يجب عليه التيمم وصرف الماء في رفع عطش نفسه، أو من هو مشرف على الهلاك. أو إذا دار أمره بين أن يصرفه في الوضوء أو الغسل وأن يصرفه في تطهير الثوب أو البدن بأن لا يكون عنده ثوب طاهر فيدور الأمر بين أن يصلي في الثوب أو البدن الطاهر مع الطهارة الترابية، وأن يصلي في الثوب أو البدن المتنجس مع الطهارة المائية وغير ذلك.
ففي هذه الفروع وما شاكلها لا يمكن تصحيح الوضوء أو الغسل بالملاك أو الترتب.
أما بالملاك: فواضح، ضرورة أنه لا ملاك لوجوب الوضوء أو الغسل في شئ من هذه الموارد، لفرض أن القدرة مأخوذة في متعلقه شرعا، ودخيلة في ملاكه واقعا، ومع انتفاء القدرة ينتفي الملاك لا محالة.