الثاني: ترتب وجوب تقصير الصلاة على عصيان الأمر بقصد الإقامة وتركه في الخارج، ولا يفرق في ترتب وجوبه عليه بين أن يكون ترك قصد الإقامة قبل الزوال أو بعده، وبذلك تمتاز الصلاة عن الصوم كما عرفت.
الثالث: ما إذا حرمت الإقامة على المسافر في مكان مخصوص، فعندئذ كما أنه مكلف بترك الإقامة في هذا المكان وهدم موضوع وجوب الصوم كذلك هو مكلف بالصوم على تقدير قصد الإقامة وعصيان الخطاب التحريمي، فالخطاب التحريمي المتعلق بقصد الإقامة خطاب مطلق وغير مشروط بشئ، والوجوب المتعلق بالصوم وجوب مشروط بعصيان ذلك الخطاب، وعليه فلو عصى المكلف ذلك الخطاب وقصد الإقامة فيه فلا مناص من الالتزام بوجوب الصوم عليه. ومن الواضح جدا أن القول بوجوبه لا يمكن إلا بناء على صحة الترتب، فلو لم نقل بترتب وجوب الصوم على عصيان الخطاب بترك الإقامة فلازمه الالتزام بعدم وجوبه عليه، وهو خلاف الضرورة.
الرابع: ترتب وجوب إتمام الصلاة على عصيان حرمة قصد الإقامة، والكلام فيه يظهر مما تقدم.
فالنتيجة: فعلية كلا الحكمين في هذه الفروعات وما شاكلها، غاية الأمر أن أحدهما مطلق، والآخر مشروط بعصيانه وعدم الإتيان بمتعلقه، إذا الالتزام بتلك الفروعات بعينه هو التزام بالترتب لا محالة.
نعم، فيما إذا حدث الأمر بشئ بعد سقوط الأمر بضده - كما في موارد الأمر بالقضاء - فهو خارج عن محل الكلام، فإن محل الكلام فيما إذا كان كلا الحكمين فعليا في زمان واحد، غاية ما في الباب كان أحدهما مطلقا، والآخر مشروطا.
وأما تعلق الأمر بشئ بعد سقوط الأمر بضده بحيث لا يجتمعان في زمان واحد فلا كلام في صحته وجوازه، والأمر المتعلق بقضاء الصلاة ونحوها بالإضافة إلى الأمر بأدائها من هذا القبيل فلا يجتمعان في زمان واحد.
أو فقل: إن ما هو محل الكلام هو تقارن الأمرين زمانا، وتقدم أحدهما على