وكيف كان، فهذا التزاحم خارج عما نحن فيه، ولذا لا يمكن البحث عن جريان الترتب فيه وعدم جريانه، كما أن في فرض التساوي بينهما ليس الحكم فيه التخيير، مع أنه مقتضى القاعدة في التزاحم بين حكمين مجعولين، وفي فرض عدم التساوي الترجيح يكون بيد المولى دون العبد، وهذا بخلاف التزاحم المبحوث عنه هنا.
الثالث: التزاحم الناشئ من عدم قدرة المكلف اتفاقا، كما هو الحال في التزاحم بين وجوب إنقاذ غريق وإنقاذ غريق آخر فيما إذا لم يكن المكلف قادرا على امتثال كليهما معا.
الرابع: التزاحم الناشئ من جهة وقوع المضادة بين الواجبين اتفاقا، فإن المضادة بينهما إذا كانت دائمية فتقع المعارضة بين دليليهما، لوقوع المصادمة - عندئذ - في مرحلة الجعل، لا في مرحلة الامتثال والفعلية.
الخامس: التزاحم في موارد اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كانت هناك ماهيتان متعددتان ولم نقل بسراية الحكم من إحداهما إلى الأخرى، بناء على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من الطبيعة إلى مشخصاتها الخارجية فتقع المزاحمة بينهما، وهذا بخلاف ما إذا كانت هناك ماهية واحدة أو كانت ماهيتان متعددتان ولكن قلنا بالسراية فعندئذ تقع المعارضة بين دليليهما.
السادس: التزاحم في موارد التلازم الاتفاقي بين الفعلين، كما إذا كان أحدهما محكوما بالوجوب والآخر محكوما بالحرمة: كاستقبال القبلة واستدبار الجدي لمن سكن العراق وما والاه من البلاد لا مطلقا، فإذا كان أحدهما محكوما بالوجوب والآخر محكوما بالحرمة تقع المزاحمة بينهما، وهذا بخلاف ما إذا كان التلازم بينهما دائميا، فإنه - عندئذ - يدخل في باب التعارض.
السابع: التزاحم بين الحرام والواجب فيما إذا كان الحرام مقدمة له، كما إذا توقف إنقاذ الغريق - مثلا - على التصرف في مال الغير، هذا فيما إذا لم يكن التوقف دائميا، وإلا فيدخل في باب التعارض.