فريضة الحج عقلا وشرعا كما هو المشهور. ولكن قد ذكرنا: أن هذا التفسير خاطئ بحسب الروايات، فإن الاستطاعة قد فسرت فيها بالزاد الكافي لحجه لقوت عياله إلى زمان الرجوع، والراحلة مع أمن الطريق.
الثالثة عشرة: أن وجوب النذر لا يكون مقدما على وجوب الحج زمانا، سواء قلنا بإمكان الوجوب التعليقي أو استحالته، والمقدم إنما هو سببه ولا عبرة به. فإذا لا وجه لتقديم وجوب النذر على وجوب الحج وإن قلنا بكونه مشروطا بالقدرة شرعا.
الرابعة عشرة: أن اشتراط وجوب النذر وما شاكله بالقدرة شرعا مستفاد من نفس الروايات الدالة على عدم نفوذ ذلك فيما إذا كان مخالفا للكتاب أو السنة.
الخامسة عشرة: أن الواجبات المجعولة في الشريعة المقدسة بالعناوين الثانوية: كالنذر والشرط في ضمن عقد، والعهد واليمين وما شابه ذلك لا تصلح أن تزاحم الواجبات المجعولة فيها بالعناوين الأولية: كالصلاة والصوم والحج وما شاكل ذلك.
السادسة عشرة: أن الواجبين المتزاحمين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة شرعا إذا كانا عرضيين، فيجري فيهما ما يجري في المتزاحمين العرضيين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة عقلا من جريان الترتب فيهما والترجيح بالأهمية أو محتملها، وكون التخيير بينهما عقليا لا شرعيا.
السابعة عشرة: أن الواجبين المتزاحمين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة عقلا، فإن كان أحدهما أهم من الآخر فلا إشكال في تقديمه على غيره وإن كان متأخرا عنه زمانا. وكذا إذا كان محتمل الأهمية من جهة أن إطلاق الطرف الآخر ساقط يقينا، وأما إطلاق هذا الطرف فسقوطه مشكوك فيه، فنأخذ به. وإن كانا متساويين فالحكم فيهما التخيير، بمعنى: تقييد وجوب كل منهما بعدم الإتيان بمتعلق الآخر.