وقد تحصل من ذلك: أن ما أفاده (قدس سره) من الكبرى - وهي: تقديم ما ليس له بدل على ماله بدل - متين جدا، إلا أنها لا تنطبق على شئ من تلك الفروع.
التاسعة: أن الواجبين المتزاحمين إذا كان أحدهما مشروطا بالقدرة شرعا والآخر مشروطا بها عقلا فيتقدم ما هو المشروط بالقدرة عقلا على ما هو المشروط بها شرعا، من دون فرق بين أن يكون متقدما عليه زمانا أو متقارنا معه أو متأخرا عنه.
العاشرة: أن شيخنا الأستاذ (قدس سره) قد أنكر جريان الترتب فيما إذا كان أحد المتزاحمين مشروطا بالقدرة عقلا والآخر مشروطا بها شرعا، بعد ما سلم تقديم الأول على الثاني. وقد ذكرنا: أن ما أفاده (قدس سره) يرتكز على أصل خاطئ، وهو: توهم أن الترتب إنما يجري فيما إذا أحرز أن في كل من المتزاحمين ملاكا في هذا الحال، وفي مثل المقام بما أنه لا يمكن إحراز أن ما هو مشروط بالقدرة شرعا واجد للملاك فلا يمكن إثبات الأمر له بالترتب.
ولكنه توهم فاسد. والوجه فيه: هو أن جريان الترتب في مورد لا يتوقف على إحراز الملاك فيه، لعدم الطريق إليه أصلا، مع قطع النظر عن تعلق الأمر به، بل ملاك جريانه: هو أنه لا يلزم من اجتماع الأمرين على نحو الترتب في زمان واحد طلب الضدين. وعليه، فالمتعين هو رفع اليد عن إطلاق كليهما في فرض التساوي، وعن إطلاق أحدهما في فرض كون الآخر أهم.
الحادية عشرة: أن الواجبين المتزاحمين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة شرعا يتقدم ما هو أسبق زمانا على غيره. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن السبق الزماني إنما يكون من المرجحات فيهما خاصة، لا فيما إذا كان مشروطا بالقدرة عقلا، فإنه لا أثر للسبق الزماني فيه أصلا.
الثانية عشرة، أن التزاحم بين وجوب الحج ووجوب الوفاء بالنذر لا يكون من صغريات التزاحم بين الواجبين يكون كل منهما مشروطا بالقدرة شرعا، فإن كونه من صغريات تلك الكبرى يبتنى على تفسير الاستطاعة بالتمكن من أداء