فالنتيجة على ضوء هذه الجوانب الثلاث: هي أن في الفروعات المزبورة أو ما شاكلها لا يعقل أن يكون التزاحم بين أمرين نفسيين، ضرورة أنه ليس فيها إلا أمر نفسي واحد متعلق بالمجموع المركب. وكذا لا يعقل أن يكون التزاحم بين أمرين إرشاديين، لما عرفت: من أنه لا شأن للأمر الإرشادي ما عدا الإرشاد إلى الجزئية أو الشرطية، ولذا لا تجب موافقته، ولا تحرم مخالفته بحكم العقل (1).
ومن المعلوم أن المزاحمة إنما تعقل بين أمرين يقتضي كل منهما امتثاله والإتيان بمتعلقه خارجا لتقع المزاحمة بينهما في مقام الامتثال والإطاعة، والمفروض أنه لا اقتضاء للأمر الإرشادي بالإضافة إلى ذلك أصلا لتعقل المزاحمة بينهما.
والذي يمكن أن يتوهم في أمثال هذه المقامات: هو وقوع المزاحمة بين أمرين ضمنيين، ببيان: أن كلا منهما يقتضي الإتيان بمتعلقه، فعندئذ لو كان المكلف قادرا على امتثال كليهما والإتيان بمتعلقيهما خارجا فلا مزاحمة في البين أصلا.
وأما إذا فرضنا أنه لا يقدر إلا على امتثال أحدهما دون الآخر فلا محالة تقع المزاحمة بينهما، كما إذا دار الأمر بين ترك القيام في الصلاة - مثلا - وترك الركوع فيها، أو بين ترك القيام في حال التكبيرة وتركه في حال القراءة، أو بين ترك الطهارة الحدثية وترك الطهارة الخبثية، وما شابه ذلك ففي أمثال هذه الموارد التي لا يكون المكلف قادرا على الجمع بينهما في الخارج لا محالة تقع المزاحمة بين الأمر الضمني المتعلق بالقيام والأمر الضمني المتعلق بالركوع، أو الأمر الضمني المتعلق بتقييد الصلاة بالطهارة الحدثية، والأمر الضمني المتعلق بتقييدها بالطهارة الخبثية، وهكذا...
والوجه في ذلك: هو أن ملاك التزاحم بين أمرين نفسيين كالأمر بالصلاة