ظرفه شرطا لسقوطه على نحو الشرط المتأخر، بناء على ما حققناه (1) من إمكانه وجوازه.
وأما ثانيا فلأن المسقط له ليس هو امتثال الآخر بما هو، لما قدمناه سابقا (2) من أن المسقط للتكليف أحد أمرين لا ثالث لهما.
الأول: امتثاله في الخارج الموجب لحصول غرضه، فإنه بعد حصول الغرض الداعي له خارجا لا يعقل بقاؤه، ولذا قلنا: إن المسقط في الحقيقة إنما هو حصول الغرض وتحققه في الخارج، لا الامتثال نفسه كما تقدم.
الثاني: انتفاء القدرة وعجز المكلف عن امتثاله، ومعه - لا محالة - يسقط التكليف، بداهة استحالة توجيهه نحو العاجز. ومن المعلوم أن المسقط في ما نحن فيه ليس هو الأول على الفرض، بل المسقط له إنما هو الثاني كما هو المفروض، باعتبار أن المكلف إن أعمل قدرته في امتثال الواجب الفعلي عجز عن امتثال الواجب المتأخر في ظرفه، فينتفي بانتفاء موضوعه وهو القدرة. وإن حفظ قدرته على امتثال المتأخر عجز عن امتثال المتقدم لا محالة، ضرورة أن القدرة الواحدة لا تفي لامتثال كليهما معا.
ومثال ذلك: ما إذا توقف امتثال واجب على ارتكاب محرم: كالتصرف في مال الغير - مثلا - فإنه إن صرف قدرته في ترك الحرام عجز عن امتثال الواجب في ظرفه: كإنقاذ الغريق - مثلا - أو نحوه، وإن حفظ قدرته لامتثاله في ظرفه بارتكاب الحرام عجز عن تركه. ومن الواضح أن مع العجز عنه تسقط حرمته لا محالة، ولا يفرق في سقوط حرمته بين أن يمتثل المكلف الواجب المتأخر خارجا أم لا، ضرورة أن المسقط للتكليف بالمتقدم ليس هو امتثال المتأخر في الخارج، بل المسقط له - في الحقيقة كما عرفت - عدم تمكن المكلف من امتثاله.
وعليه فما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) - من أن سقوط كل من التكليفين المتزاحمين لا يكون إلا بامتثال الآخر، وحيث إن امتثال التكليف بالمتأخر