فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي أن الطهارة شرط لتلك الصلوات التي عينت لها أوقات معينة، وأنه يجب على المكلف الإتيان بها في تلك الأوقات مع الطهارة المائية إن كان واجدا للماء، ومع الطهارة الترابية إن كان فاقدا لها.
وقد ذكرنا غير مرة: أن المراد من وجدان الماء وجوده الخاص، وهو ما إذا تمكن المكلف من استعماله عقلا وشرعا، وذلك بقرينة داخلية وخارجية.
أما القرينة الداخلية فهي ذكر المريض في الآية المباركة، فإن الماء غالبا موجود عنده، ولكنه لا يتمكن من استعماله عقلا أو شرعا.
وأما القرينة الخارجية فهي عدة من الروايات الدالة على ذلك. وعلى هذا فإن تمكن المكلف من استعمال الماء عقلا وشرعا فهو واجد له، ووظيفة الواجد الوضوء أو الغسل، وإن لم يتمكن من استعماله عقلا أو شرعا فهو فاقد له، ووظيفة الفاقد التيمم، فالآية المباركة في مقام بيان أن المكلف على نوعين: الواجد والفاقد، ولا ثالث لهما. ومن الواضح أن التقسيم قاطع للشركة.
وعليه فإذا ضممنا ما يستفاد من هذه الآية المباركة بضميمة القرائن الداخلية والخارجية إلى ما يستفاد من الآية الأولى بضميمة الروايات الواردة فيها من " أن لكل صلاة وقتا خاصا " تجب في ذلك الوقت الخاص لا فيما عداه. فالنتيجة: هي أن المكلف إذا تمكن في ذلك الوقت من استعمال الماء عقلا وشرعا فهو واجد له، ووظيفته عندئذ الوضوء أو الغسل، وإن لم يتمكن فيه من استعماله عقلا أو شرعا فهو فاقد له، ووظيفته - حينئذ - التيمم.
ومن هنا قلنا: إن المراد من عدم الوجدان في الآية المباركة: عدم الوجدان، بالإضافة إلى الصلاة التي قام المكلف إلى إتيانها، لا مطلقا، فلو لم يتمكن المكلف من إيقاع الصلاة في وقتها مع الطهارة المائية فهو غير واجد بالإضافة إلى الصلاة وإن كان واجدا بالإضافة إلى غيرها. وعلى هذا، بما أن فيما نحن فيه لا يتمكن المكلف من إيقاع الصلاة في وقتها مع الطهارة المائية من جهة ضيق الوقت يتعين عليه إيقاعها فيه مع الطهارة الترابية.