وعليه فالجزئية والشرطية للأجزاء والشرائط الباقيتين لا محالة مجعولتان بجعل ثانوي وبدليل خارجي دال على وجوب الباقي وعدم سقوطه. ويعلم من ذلك - طبعا - أن المجعول في المقام شرطية أحد الأمرين في الواقع: إما شرطية الطهارة الحدثية، وإما شرطية الطهارة الخبثية، فشرطية كلتيهما غير معقولة، لفرض عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما، فلا يمكن أن يتعلق الأمر بالمركب منهما، فلا محالة يكون المجعول شرطية إحداهما لا محالة. ونتيجة ذلك: أن المورد غير داخل في كبرى التزاحم.
وخلاصة ما ذكرناه: هي أن الكبرى المتقدمة وإن كانت مسلمة إلا أنها لا تنطبق على هذا الفرع وما يشبهه، بل قد عرفت: أنه غير داخل في كبرى مسألة التزاحم فضلا عن تلك الكبرى.
وأما المورد الثالث - وهو ما إذا دار الأمر بين إدراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية وإدراك ركعة واحدة مع الطهارة المائية - فيرد عليه بعينه ما أوردناه على المورد الثاني من الوجهين.
أما أولا: فلما عرفت من أنه كما أن للصلاة مع الطهارة المائية بدلا - وهو الصلاة مع الطهارة الترابية - فكذلك لإدراك تمام الصلاة في الوقت بدل، وهو إدراك ركعة واحدة منها في الوقت. فإذا لا تنطبق الكبرى المزبورة عليه.
وأما ثانيا: فلما عرفت من أن التزاحم لا يجري بين أجزاء واجب واحد أو شرائطه، فإذا تعذر على المكلف الجمع بين الطهارة المائية والوقت فمقتضى القاعدة الأولية سقوط الأمر بالصلاة، فلو كنا نحن والحال هذه لم نقل بوجوب الباقي من الأجزاء والشرائط، ولكن الدليل الخارجي قد دلنا على وجوب الباقي وعدم سقوط الصلاة بحال.
ومن ذلك يعلم إجمالا بجعل جزئية أحدهما في الواقع، وحيث إنه مردد بين الطهارة المائية والوقت فتقع المعارضة بين دليليهما.
فالنتيجة: أن هذا الفرع أيضا ليس من صغريات الكبرى المتقدمة.