ومما يؤيد ذلك: أنه لو كان المراد من المخالفة في تلك الطائفة هو المخالفة على النحو الأول لم يكن الخبر المشهور المخالف للكتاب أو السنة حجة في نفسه، ومعه كيف يحكم (عليه السلام) بتقديمه على الخبر الشاذ الموافق للكتاب أو السنة كما هو مقتضى إطلاق المقبولة؟! ومن ذلك يعلم: أن هذه الطائفة ليست في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة، وإلا لم يكن معنى لتقديم الخبر المشهور المخالف على الشاذ الموافق، بل هي في مقام بيان المرجح لأحد المتعارضين على الآخر (1).
وأما ما ذكره من أن الخبر الموافق للقوم لا يكون حجة مع وجود الخبر المخالف لهم فهو من الغرائب، ضرورة أن مجرد وجود الخبر المخالف لهم لا يوجب كون الموافق غير حجة، لأن الأحكام الموافقة لهم في نفسها كثيرة جدا.
وعليه فيحتمل أن يكون الخبر الموافق لهم هو الحكم الواقعي دون المخالف، وهذا واضح.
وأما الدعوى الثانية فلأن الترجيح بغيرهما لم يرد في دليل معتبر، وعلى تقدير وروده في دليل معتبر ليس من جملة المرجحات هنا.
بيان ذلك: أما الشهرة لم تذكر فيما عدا المرفوعة (2) والمقبولة (3).
أما المرفوعة فهي ضعيفة سندا، بل غير موجودة في الكتب المعتبرة، ولذا ناقش في سندها صاحب الحدائق (4) (قدس سره) الذي ادعى القطع بصدور الروايات الموجودة في الكتب الأربعة، وغيرها من الكتب المعتبرة.
وأما المقبولة فهي وإن كان الأصحاب يتلقونها بالقبول إلا أنها أيضا ضعيفة سندا بعمر بن حنظلة، حيث لم تثبت وثاقته، ومع الغض عن سندها فالمذكور فيها هو الأخذ بالمجمع عليه. ومن المعلوم أن المراد منه هو الخبر الذي أجمع الأصحاب على روايته عن المعصومين (عليهم السلام) وصدوره منهم، وعلى هذا فالمراد