وقد تحصل مما ذكرناه: أن ما ذكره (قدس سره) من الفروع الثلاثة ليس شئ منها صغرى للكبرى التي ذكرها، وهي تقديم ما ليس له بدل على ماله بدل، ولا تنطبق تلك الكبرى على شئ منها.
نعم، النتيجة في الفرع الأخير بعينها هي النتيجة التي ذكرها (قدس سره)، وهي تقديم مالا بدل له على ماله بدل، ولكن بملاك آخر، لا بالملاك الذي أفاده.
بيان ذلك: هو أن الله تعالى جعل في كتابه العزيز للصلوات الخمس أوقاتا خاصة بحسب المبدأ والمنتهى بقوله: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل...) * (1).
وقد ورد في الروايات: أن " وقت صلاتي الظهرين من دلوك الشمس إلى غروبها، ووقت العشاءين من الغروب إلى غسق الليل، ووقت صلاة الصبح من أول الفجر إلى طلوع الشمس " (2)، فهذه هي أوقات الصلوات الخمس، ولا يرضى الشارع بتأخيرها عنها آنا ما، بل هي غير مشروعة في ما عدا تلك الأوقات، إلا فيما إذا قام دليل خاص على المشروعية كما في القضاء أو نحوه. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنه تعالى قد جعل الطهارة من الحدث شرطا مقوما لها بقوله: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق... وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا...) * (3)، فجعل في هذه الآية المباركة الطهارة من الحدث شرطا للصلاة، وقد ذكرنا: أنها من أركان الصلاة، وبانتفائها تنتفي (4)، ولذا ورد: " أن الصلاة على ثلاثة أثلاث: ثلث منها الركوع، وثلث منها السجود، وثلث منها الطهور " (5).