فنقول: قد ذكر شيخنا الأستاذ (1) (قدس سره): أن الأمرين المتعلقين بفعلين إذا كان أحدهما مطلقا والآخر مشروطا على قسمين:
الأول: أن لا يكون أحد الخطابين المجتمعين في الزمان ناظرا إلى رفع موضوع الخطاب الآخر وهدمه.
الثاني: أن يكون أحدهما ناظرا إلى رفع موضوع الآخر.
أما القسم الأول: فالشرط الذي يترتب عليه الخطاب والأمر لا يخلو من أن يكون اختياريا كالسفر والحضر وقصد الإقامة وما شاكل ذلك، وأن يكون غير اختياري كزوال الشمس وغروبها وكسوفها، وخسوف القمر وما يشبهها، وعلى كلا التقديرين فعند تحقق الشرط يصير كلا الخطابين فعليا، وحينئذ فإن كان كل منهما مشروطا بعدم الإتيان بمتعلق الآخر أو كان أحدهما مشروطا بذلك دون الآخر فلا شبهة في استحالة وقوع متعلقيهما في الخارج على صفة المطلوبية، وتعلق الطلب بالجمع بينهما، وذلك على ضوء ما بيناه من أن اجتماع الأمرين - كذلك - لا يرجع إلى طلب الجمع، بل يناقضه.
وأما إذا كانا مطلقين من هذه الناحية فعندئذ إن لم يكن بين متعلقيهما تضاد في الوجود الخارجي وتمكن المكلف من إيقاعهما في الخارج وإيجادهما فيه فلا إشكال في وجوبه. وأما إن كانت بينهما مضادة في عالم الوجود فيدخلان في كبرى باب التزاحم وتجري عليهما أحكامه من تقييد إطلاق كل واحد منهما بعدم الإتيان بالآخر إذا لم يكن في البين أهم، وإلا يتعين تقييد إطلاق خطاب المهم بعدم الإتيان بالأهم دون العكس، ولا يلزم فيه محذور طلب الجمع ونحوه كما سبق.
ولا يفرق في ذلك بين أن يكون الشرط المزبور اختياريا، أو غير اختياري، وذلك لما عرفت: من أن الحكم لا يقتضي وجود شرطه في الخارج (2). إذا كونه